قلنا: حسنا وهلا أنصفتم التاريخ، وهلا تبرأتم من الظالمين وهلا اخترتم طريقا غير طريق الأقدمين، الفتانين. حتى لا ترو في أنفسكم الحاجة إلى الرجوع. ثم كيف طهرنا الله منها، وهي ما زالت حاضرة فينا، بعيوبها ومسوخاتها. وتسأل الناس، وتساءلنا معهم. وانتصر السؤال الحقيقي مع انتصار النهضة الشيعية الكبرى. مع بروز عاشوراء بكل مراسيمها الدامية. تطرح قضيتنا من جديد وبلغة البكاء. على عالم يدعي أنه أستدرك أخطاء الماضين وشرع القانون! عادت القضية، يوم عادت (الدمعة الشيعية الرقيقة) يوم تداخل السياسي بالاعتقادي، في محراب النضال المقدس. وقالت السماء يومها. كلمتها، وتحققت النبوءات الرسولية (لو كان الإسلام في الثريا، لناله رجال من فارس).
في هذه الأجواء المتوترة. وعلى بساط الأحداث السياسية، وحفيف الفتن العاصفة. طرحت سؤال على نفسي:
لماذا هؤلاء شيعة ونحن سنة؟.
تحول هذا السؤال في ذهني إلى شبح، يطاردني في كل مكان. يسلبني في كل اللحظات مصداقيته. نعم! فلا حق لي أن أزود فكري بالجديد، حتى أحسم مسلماتي الموروثة. وأسسي الاعتقادية الجاهزة. وما قيمة أفكار تتراكم على ذهني.
من دون أن يكون لها أساس اعتقادي متين؟.
تجاهلت الأمر - في البداية - وتناسيته حتى أخفف عن نفسي مضاضة البحث.
بيد أن ثقل البحث كان أخف علي من ثقل (السؤال) وأقل ضغطا من ضمة الحيرة، والشك المريب.
وقع بين يدي كتابين يتحدثان عن فاجعة كربلاء وسيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) الأمر هنا أشد مرارة من ذي قبل. إنني ولأول مرة أجد كتابا يحمل لهجة من نوع خاص. مناقضة تماما لتلك الكتب التي عكفت على قراءتها. لم أكن أعرف أن صاحب الكتاب رجل شيعي. لأنني ما كنت أتصور أن الشيعة مسلمون! فكانت تختلط عندي المسألة الشيعية بالمسألة البوذية أو السيخية.
والوضع (السني) لا يجد حرجا في أن يملي علينا ذلك. ولا يستحي من الله ولا