كنت أطرح دائما على أصدقائي. قضية الحسين المظلوم، وآل البيت (ع) لم أكن أطرح شيئا آخر. فأنا ضمآن إلى تفسير شاف لهذه المأسي. لأنني وبالفطرة التي أكسبنيها كلام الله جلا وعلا لم أكن أتصور، وأنا مسلم القرن العشرين، كيف يستطيع هؤلاء السلف (الصالح) أن يقتلوا آل البيت (ع) تقتيلا! لكن أصحابي، ضاقوا مني وعز عليهم أن يروا فكري يسير حيث لا تشتهي سفينة الجماعة. وعز عليهم أن يتهموني في نواياي.
وهم قد أدركوني منذ سنين البراءة وفي تدرجي في سبيل الدعوة إلى الله. قالوا بعد ذلك كلاما جاهليا. لشد ما هي قاسية قلوبهم تجاه آل البيت (ع) (3).
ومن هنا بدأت القصة!.
وجدت نفسي أمام موجة عارمة من التساؤلات التي جعلتني حتما أقف على قاعدة اعتقادية صلبة. إنني لست من أولئك الذين يحبون أن يخدعوا أو ينوموا.
لا، أبدا، لا أرتاح حتى أجدد منطلقاتي وأعالج مسلماتي! فلتقف حركتي في المواقف، ما دامت حركتي في الفكر صائبة. هنا لا أتكلم عن الأوضاع، الأخرى التي ضيقت علي السبيل. وإعلان البعض غفر الله لهم عن مواقفهم الشاذة تجاه قضية كهذه لا تحتاج إلى أكثر من الحوار!.
إن هذه الفكرة التي انقدحت في ذهني باللطف الإلهي جعلتني أدفع أكبر ثمن في حياتي. وكلفتني الفقر والهجرة والأذى. وما زادني في ذلك إلا إيمانا وإصرارا.
وتذكرت قولة شهيرة للإمام علي (ع) لما قال له أحد شيعته: إني أحبك يا أمير المؤمنين فأجابه: إذا، فأعد للفقر جلبابا!.
إن هذه الطريق، طريق وعرة. فيه تتجلى أقوى معاني التضحية. وفيه يكون الاستقرار والهناء بدعا. فأئمة هذه الطريق ما ارتاح لهم بال ولا قر لهم جنان.
لقد يتموا، وذبحوا، وحوربوا عبر الأجيال!.