إن قصتي مع الواقع الأمني والاجتماعي لا موقع لها في هذا الكتاب. ولكن التركيز هنا، سيكون على المسألة الشيعية، وما دار حولها من مطارحات وسجالات. لم تكن عندي يومها المراجع الكافية لاستقصاء المذهب الشيعي.
لكنني أسندت ذلك القليل الذي أملكه من كتب الشيعة بدراساتي النقدية والمعقمة، لكتب (أهل السنة والجماعة) قال لي أحد المقربين يوما:
من الذي شيعك، وأي الكتب اعتمدتها؟!.
قلت له: أما بالنسبة، لمن شيعني، فإنه، جدي الحسين (ع) ومأساته الأليمة. أما عن الكتب، فقد شيعني، صحيح البخاري والصحاح الأخرى.
قال كيف ذلك؟.
قلت له: اقرأها، ولا تدع تناقضا إلا أحصيته، ولا (رطانة) إلا وقفت عندها مليا.. إذ ذاك ستجد، بغيتك! كان لدي أخ أصغر مني، يسألني باستمرار عن التشيع. وكنت أقول له: أنت تعرف تقرأ، فعليك بالبحث الشخصي، وإذا أوقفك شئ، ساعدتك. فأنا أضجر من أن أورث للآخرين أفكارا جاهزة. ولعله اليوم وصل!.
ويعلم الله، أنني رسخت قناعاتي الشيعية. من خلال مستندات أهل السنة والجماعة أنفسهم. ومن خلال ما رزحت به من متناقضات. وكان الكتاب أحيانا يتعرض بالشتم والسباب للشيعة. وإذا بي ازداد بصيرة ببراءتهم. كما لا أخفي واقع روحي التي تمزقت، وهي تلهث خلف المخرج من هذه التناقضات. ويشهد الخالق وهو حسبي، أنني كنت أسهر الليالي وأنا أقرأ وأدعو الله أن يجد لي مخرجا، وكان دعائي الذي يلازمني اللهم أرني الحق حقا وارزقني اتباعه، وأرني الباطل باطلا وارزقني اجتنابه).
في يوم من الأيام لم يبق لي سوى أن أخلع جبة أهل السنة والجماعة. فلم يبق أمامي دليل واحد يسند مصداقية مذهبهم غير أن العادة قبحها الله حالت دوني وبين التغير، وما أصعب المرء وهو يتحول من مذهب لآخر، وما أشد برزخ