المؤمنين:
(والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلما، والله لئن أسالمه وأنا عزيز، أحب إلى من أن يقتلني وأنا أسير أو يمن علي فتكون سبة على بني هاشم إلى آخر الدهر ولمعاوية لا يزال يمن بها هو وعقبه على الحي منا والميت) (217).
لقد تمثل الإمام، مشهد الحديبية، يوم قبل الرسول صلى الله عليه وآله بالصلح مع المشركين، فرأى أن ذلك أمر ضروري أيضا مع أبنائهم اليوم، لأن ميزان القوى غير متكافئ، وما كان للإمام الحسن أن يرضخ للصلح إلا بعد أن نادى به معاوية ونشر في الناس من يشيعه.
وكان معاوية قد بعث إلى الحسن سرا، ليصالحه فأبى الحسن (ع) حتى أجابه بعد ذلك (218).
ألفي الإمام نفسه لدى معضلة تستلزم شجاعة في الاختيار والقرار، فإما أن ينازع معاوية في السلطان، ليكون له، أو يتركه على أن يكون له من بعده، فالإمام الحسن، لم يكن يعدو خلف الملك والحطام، ولا أحد من أئمة أهل البيت (ع) كان كذلك، ولو كان الأمر كذلك، لنازع معاوية الملك وزج بالجيش في معركة شاملة، أو طلب اللجوء إلى معاوية، ليوليه على أحد البلدان أو ينظر في أمره.
إن الأمر كان يختلف تماما، تماما. فهو نظر إلى المستقبل. فليربح القدر القليل من مصلحة المسلمين، ويعود الأمر إلى أهله. فلو دخل في حرب مع معاوية، فربما سيبقى الأمر كذلك، وربما خلف معاوية من يسير أكثر منه في طلب الملك والفتنة في أمة الإسلام.
فما كان له (ع) إلا أن يستجيب للصلح وهو يدرك أهداف الأمويين، مثلما