قالوا: (الحمد لله الذي أخرجه من بيننا) (212).
وتولى بعد ذلك قيس مهمة القيادة في جيش الحسن (ع) وبعث برسالة إليه، يخبره بما وقع من أمر عبيد الله بن عباس. وكان ذلك بمثابة دليل ملموس على مدى اهتزاز جيشه. فازداد يقينا، وخف اعتماده على هذا الجيش. أما معاوية، فدامت عملياته الدعائية داخل الجيش، بحثا عن العناصر الأخرى، ذات الأطماع الرخيصة. فزاد في نشر العيون، وإشاعة البلبلة. خصوصا لما رأى مخططه قد نجح، وكان مما أذاعه في (المدائن) إن قيس بن سعد قد صالح معاوية، ودخل صفه، كما أذاع - حسب اليعقوبي خبر مقتل (قيس بن سعد).
وسار على ذلك النهج، ينشر الرعب والذعر في العراقيين، ويغريهم بالمال والمناصب أحيانا.
وكانت كل إشاعة تنشر تجد لها من يصدقها، فليس مستحيلا أن يغدر قيس جيشه ويخونه، ما دام عبيد الله قد فعلها وهو من هو في ولائه وقربه من الإمام الحسن (ع) بل وقد صدق بعضهم إشاعة أن الحسن قد صالح معاوية، فكل شئ وارد، لقد اختلطت الأوراق، والكل بات متهما حتى تثبت له البراءة! وقد عانى الإمام الحسن (ع) الأمرين من جيشه أكثر من معاوية، فماذا يفعل الإمام الحسن (ع) بجيش مريض. لقد أغدق معاوية أمواله ورشاويه، ولم يغرهم الإمام الحسن (ع) إلا بالجهاد والجنة، فكان إن هرب عبيد الله مع ثمانية آلاف إلى معاوية، وهرب الكندي إليه مع مائتي رجل بعد أن أغراه معاوية بخمسمائة ألف درهم، وكان الإمام الحسن قد وجهه قائدا على أربعة آلاف ليعسكر بالأنبار (213).
وعمت السرقة في صفوف الجيش، فراح ينهب بعضهم بعضا، لما سمعوا أن