هناك منطقان كانا يواجهان الإمام الحسن (ع) الأول: منطق الثورة والثاني منطق الاصلاح. وعندما يفشل في الثورة على الواقع الأموي. فإنه لا يفرط في منطق الاصلاح، ووثيقة الصلح تضمنت ذلك، فهناك من قتل أبوه مع علي (ع) في الجمل وصفين، ويدرك الحسن أن معاوية آخذهم لا محالة بالانتقام، بأن يمنع عنهم العطاء، لذلك طلب ضمن المعاهدة بأن يوزع عليهم ألف ألف درهم، ويجعلها من خراج دار ابجرد. فلم يكن طلبه لخراج (دارابجرد) كما أورد أبو الفداء، سابقا، بطمع في الحطام من قبل الحسن، وإنما من أجل ضمان مورد مادي ليتامى شهداء صفين والجمل، الذين قد يواجهون حالة البؤس في حكومة معاوية.
كما أن الحسن يعرف أن أصحابه وشيعته المقربين قد تطالهم يد معاوية، للانتقام، فكان لا بد أن يشترط عدم إلحاق أي أذى بهم.
واشترط عدم سب الإمام علي (ع) لأن ذلك يحرف فضائل الصالحين ورموز الأمة في عين الناس. ولأن ذلك مخالف للإسلام، وكيف لا يخالفه والإمام علي (ع) أحد الأركان الذين قام الإسلام على أكتافهم.
هذه باختصار، هي خلفيات الصلح، التي يمكن تلخيصها في الآتي:
1 - تماسك كامل في جيش معاوية، يقابله انشطار في جيش الإمام الحسن (ع).
2 - دعم مالي قوي وهائل لعناصر الجيش الأموي، مقابل الفقر والحاجة في صفوف الجيش العراقي.
3 - جهل مطبق في جيش الشام، يقابله وعي أعرج ومبتور في أغلبية الجيش العراقي، الجهل الشامي الذي يؤدي إلى التمحور المضاعف حول معاوية، والوعي المبتور الذي يؤدي إلى هروب الجيش العراقي وعدم استجابته للإمام الحسن (ع) (220).