طاعة مطلقة في جيش الشام، تقابلها انشقاقات وتجزئات داخل جيش العراق.
كل هذا وأكثر منه، جعل معنويات الجيش العراقي تنهار، وتلتمس الاستقرار، وحطام الدنيا.
أدرك معاوية أن الإمام الحسن بقي وحده في الميدان، وأن جيشه لا يعدو كونه نمور من ورق، يعشعش الرعب والتمزق في أعماقها. وأدرك أن صلح الحسن إنما كان لأن هذا الأخير لم يجد عليه عونا (221)، فهو صلح من موقف ضعف، ضعف في الأمة! لذلك مزق معاوية الوثيقة، ونقض العهد، وتلاعب بالأوراق. استمر معاوية في سب الإمام علي (ع) ولعنه على المنابر، وصارت سنة لأهل الشام يرددونها بعد كل صلاة، وكأن الصلاة لا تقبل إلا بسب علي (ع). هذا الذي قام الإسلام به، وبه كان الصحابة يميزون بين منافق مبغض له ومؤمن محب له، حتى قال الشاعر:
أعلى المنابر تعلنون بسبه * وبسيفه نصبت لكم أعوادها وذكر صاحب العقد الفريد - إن أبا عبد الله الجدلي قال: دخلت على أم سلمة - زوجة الرسول صلى الله عليه وآله فقالت لي: أيسب رسول الله صلى الله عليه وآله فيكم؟ فقلت:
معاذ الله، أو سبحان الله، أو كلمة نحوها فقالت:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من سب عليا فقد سبني.
وقال يومها مروان بن الحكم: لا يستقيم لنا الأمر إلا بذلك - أي بسب علي (ع) (223).
ثم رفض معاوية أن يسلم للحسن، خراج دار ابجرد، لدعم الفقراء من