شيعته، ونقض هذا الشرط أيضا حسب ابن الأثير والطبري وأبي الفداء. وبدلا من ذلك عمد معاوية إلى محو آثار الشيعة، وسحقهم عن آخرهم، وجعل عليهم عمالا بطاشين، جبابرة، عاثوا فيها فسادا، وشردوهم وقتلوهم، وخطب فيهم معاوية (انظروا إلى من قامت عليه البينة أنه يحب عليا وأهل بيته فامحوه من الديوان وأسقطوا عطاءه ورزقه). وكان من الذين سقطوا ضحايا على مذبح العقيدة والولاء الهاشمي، الصحابي الجليل (حجر بن عدي)، ذلك الذي ما زال سيفه ذابا عن الإسلام وتحت راية الرسول صلى الله عليه وآله وما قتلوه إلا لأنه رفض عليهم سب الإمام علي (ع) ولعنه من على المنابر وفي الصلوات، وضاقت به الطغمة الأموية. ونظرت في أمره، بعد أن أصبح له أنصار يرومون التصحيح والنهي عن المنكر، فما كان إلا أن عزموا على معاقبته، فراح زياد، يطلبه. وقد التف حجر بجماعة من أنصاره الكوفيين، التي دهش منها زياد فقال موجها خطابه لأهل الكوفة:
(يا أهل الكوفة، أتشجون بيد، وتأسون بأخرى، أبدانكم علي وأهواءكم مع حجر الهجهاجة، الأحمق المذبوب، أنتم معي وإخوانكم وأبناؤكم وعشائركم مع حجر، هذا والله من دحسكم (أي: افسادكم) وغشكم والله لتظهرن لي براءتكم أو لأتينكم بقوم أقيم بهم أودكم وصعركم) (224).
ثم ما فتئ أن سلمه الكوفيون إلى الشرطة الأموية، لينفذوا فيه جريمة الإعدام.
ولم يكن دافع حجر، سوى إيمانه، ومن هو حجر (ع) حتى لا يخونه أهل الكوفة، ولا يقتله معاوية صبرا. لقد خان الكوفيون الإمام عليا (ع) وبنيه، وقتل الأمويون خيرة آل البيت (ع) فدعا ربه:
(اللهم إنا نستعديك على أمتنا فإن أهل الكوفة شهدوا علينا وإن أهل الشام يقتلوننا، أما والله لئن قتلتموني بها فإني لأول فارس من المسلمين هلك في واديها