لقد شيعني الحسين (ع) - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٢٧٦
الجيش الأموي، والإصرار على تجهيز الجيش. لم يكن يختلف عن سيرة أبيه.
فالقضية واحدة، والروح العلوية واحدة، ولكن الظروف تغيرت، وبتغيرها تختلف المواقف. فقد كان الإمام الحسين (ع) الذي فجر أكبر ثورة في التاريخ، سامعا مطيعا في عهد أخيه، ولم ينبس ببنت شفة. لقد علم أن الظرف ليس ظرف قتال.
هذا الجيش بهذه المواصفات. لم يكن مؤهلا للقيام بالدور الرسالي الحقيقي.
ومهيأ للأنهيار في كل لحظة. وأدرك معاوية نقطة الضعف هذه في جيش الإمام الحسن (ع) واستغلها لصالح نفوذه فراح يبث الإشاعات في صفوف الجيش ويبعث لهم الرسائل الميئسة ويغري بعضهم البعض الآخر. ولم يستخدم طريقة واحدة في التعامل مع عناصر الجيش العراقي، بل سلك كل تلكم السبل، لأنه يعرف مدى التنوع في أهواء ذلك الجيش فطورا بالترهيب وطورا بالترغيب.
وبث داخل الجيش مجموعة دعايات، مثل (إن الحسن يكاتب معاوية على الصلح فلم تقتلون أنفسكم) (209) وبعث إلى عبيد الله بن عباس رسالة استطاع استمالته بها:
(إن الحسن قد راسلني في الصلح، وهو مسلم الأمر إلي فإن دخلت في طاعتي الآن كنت متبوعا، وإلا دخلت وأنت تابع، ولك إن أجبتني الآن أن أعطيك ألف ألف درهم، أعجل لك في هذا الوقت نصفها، وإذا دخلت الكوفة النصف الآخر) (210).
واستطاع معاوية أن يضم إليه عبيد الله بن عباس بهذه الكلمة. وخان هذا الأخير إمامه الحسن. وكان هو المحرض الأول لقتال معاوية. فهي حالة كان يدركها الإمام الحسن، وأدركها معاوية، لذلك عزف له على وتر الاغراء والرشا. ورأينا كيف أن الجيش العراقي لم يعزم على الخروج إلا للوم هؤلاء

(209) - ابن أبي الحديد.
(210) - ابن أبي الحديد.
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 الاهداء 11
3 المقدمة 13
4 لماذا الرجوع إلى التاريخ؟ 19
5 لماذا الحديث عن الشيعة والسنة 23
6 مدخل 29
7 ثم ماذا 33
8 الفصل الأول: كيف كان تصوري للتاريخ الاسلامي؟ 39
9 الخلافة الراشدة 43
10 الفصل الثاني: مرحلة التحول والانتقال 55
11 الفصل الثالث: وسقطت ورقة التوت! 69
12 كلمة البدء 71
13 الزرادشتية الإيرانية والتشيع 87
14 وأثرت السؤال 93
15 الفصل الرابع: من بؤس التاريخ إلى تاريخ البؤس! 99
16 رحلة جديدة مع التاريخ 101
17 سيرة الرسول: المنطلق والمسيرة! 103
18 السقيفة 125
19 الوفاة وملابساتها 127
20 عصر ما بعد السقيفة 149
21 عمر بن الخطاب مع الرعية 161
22 الخلافة وبعد وفاة عمر 181
23 عثمان أو الفتنة الكبرى 191
24 مقتل عثمان.. الأسباب والملابسات 213
25 بيعة الإمام علي (ع) 225
26 صفين: مأزق المآزق! 243
27 ما حدث به خلافة الحسن (ع) 267
28 الامام الحسن والواقع الصعب 273
29 قتل الحسن.. المؤامرة الكبرى 287
30 واشر أب الملك بنفسه 291
31 وملك يزيد 295
32 ملحمة كربلاء 297
33 لقد شيعني الحسين 313
34 الفصل الخامس: مفاهيم كشف عنها الغطاء 323
35 مفهوم الصحابي 325
36 نماذج وباقات 329
37 أبو بكر 331
38 عائشة بنت أبي بكر 337
39 ايديولوجيا المنطق السلفي 349
40 ليس كل الصحابة عدول 353
41 بعض الصحابة سيرتد، بالنص 355
42 مفهوم الإمامة 359
43 الفصل السادس: في عقائد الإمامية 381
44 البداء 399
45 وأخيرا 405