الجيش الأموي، والإصرار على تجهيز الجيش. لم يكن يختلف عن سيرة أبيه.
فالقضية واحدة، والروح العلوية واحدة، ولكن الظروف تغيرت، وبتغيرها تختلف المواقف. فقد كان الإمام الحسين (ع) الذي فجر أكبر ثورة في التاريخ، سامعا مطيعا في عهد أخيه، ولم ينبس ببنت شفة. لقد علم أن الظرف ليس ظرف قتال.
هذا الجيش بهذه المواصفات. لم يكن مؤهلا للقيام بالدور الرسالي الحقيقي.
ومهيأ للأنهيار في كل لحظة. وأدرك معاوية نقطة الضعف هذه في جيش الإمام الحسن (ع) واستغلها لصالح نفوذه فراح يبث الإشاعات في صفوف الجيش ويبعث لهم الرسائل الميئسة ويغري بعضهم البعض الآخر. ولم يستخدم طريقة واحدة في التعامل مع عناصر الجيش العراقي، بل سلك كل تلكم السبل، لأنه يعرف مدى التنوع في أهواء ذلك الجيش فطورا بالترهيب وطورا بالترغيب.
وبث داخل الجيش مجموعة دعايات، مثل (إن الحسن يكاتب معاوية على الصلح فلم تقتلون أنفسكم) (209) وبعث إلى عبيد الله بن عباس رسالة استطاع استمالته بها:
(إن الحسن قد راسلني في الصلح، وهو مسلم الأمر إلي فإن دخلت في طاعتي الآن كنت متبوعا، وإلا دخلت وأنت تابع، ولك إن أجبتني الآن أن أعطيك ألف ألف درهم، أعجل لك في هذا الوقت نصفها، وإذا دخلت الكوفة النصف الآخر) (210).
واستطاع معاوية أن يضم إليه عبيد الله بن عباس بهذه الكلمة. وخان هذا الأخير إمامه الحسن. وكان هو المحرض الأول لقتال معاوية. فهي حالة كان يدركها الإمام الحسن، وأدركها معاوية، لذلك عزف له على وتر الاغراء والرشا. ورأينا كيف أن الجيش العراقي لم يعزم على الخروج إلا للوم هؤلاء