فألقت عصاها واستقرت بها النوى * كما قر عينا بالإياب المسافر وسألت عمن قتله؟ فقيل: رجل من مراد، قالت:
فإن يك نائيا، فلقد نعاه * نعاة ليس في فيها التراب وشاء القدر أن يموت يعسوب المؤمنين، وقائد الغر المحجلين، بتلك الطريقة النكراء، لينجو منها الأنذال، وتمنح لهم الحياة.
شاء الله أن يبقى علي (ع) - علما بشهادته، ويبقى مناوئاه خبرا في التاريخ غيبته الأحداث. بقيت النجف الأشرف تستمد نورها من جثمانه الطاهر، على مدى الأجيال، وبقي قبر معاوية، كوخا، وضيعا، أشبه بمزبلة، في أحد أزقة دمشق، والتاريخ يأبى الاحتفال بالأنذال، ولا يبخس العظماء حقهم وإن كره المؤرخون!.
وبموت علي (ع) سوف تنسل تلك البنة الأساس، في بناء الأمة، ستدفع هذه الأخيرة الثمن غاليا، لأنها تهاونت في الحفاظ عليها.
كان علي (ع) قد اشتاقت إليه السماء. فأهل الأرض ضاقوا به. والملأ الأعلى ينظر إلى هذه المعارك التي قدر لعلي (ع) أن يخوضها، ولعل ذلك يعز عليهم، لكن الله، قضى أن يضحي علي (ع) بنفسه، ليعلم الله المؤمنين من الكافرين، وليمحص به أمر الأمة.
(ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله) (199)، وعلي هو أمير هذه الآية، وموضوعها. ولكن عليا (ع) لم يشأ أن يبرح الدنيا، حتى يطمئن على أمة محمد صلى الله عليه وآله فأرسى بعده ابنه الحسن (ع) وهذا لم يكن سنة بسنة الخلفاء، ولا رأيا تلقائيا له مبرراته في هوى جامح ورأي خداج. إنه الرأي الحصيف؟، والنص المحكم البواح.