وكان محمد بن أبي بكر قد دخل على عثمان، وأخذ بلحيته وقال: قد أخزاك الله يا نعثل! فقال: لست بنعثل ولكني عثمان وأمير المؤمنين. وقال له: ما أغني عنك معاوية وفلان وفلان! وقال له عثمان: يا ابن أخي فما كان أبوك ليقبض عليها. قال محمد: والذي أريد بك أشد من قبضتي عليها، فطعنه في جبينه بمشقص كان في يده. فضربه الغافقي بحديدة، ثم جاء سودان ليضربه، فأكبت عليه زوجته تتقي السيف بيدها. فنفح أصابعها فأطن أصابع يدها وولت.
ووثب عليه كنانة بن بشر التجيبي فقتله.
وهكذا شارك الثوار في قتله ومثلوا به، ومنعوا دفنه في قبور المسلمين وبقي ثلاثة أيام في مزبلة. وانطلق به جماعة من الناس خفية معهم عائشة بنت عثمان ومعها مصباح، حتى وصلوا به حشد كوكب، فحفروا له حفرة، فلما رأته ابنته صاحت، فقال ابن الزبير: والله لئن لم تسكتي لأضربن الذي فيه عيناك، فدفنوه، ولم يلحدوه بلبن، وحثوا عليه التراب حثوا (148).
لم يكن الثوار من الفئة الواحدة. فمنهم المؤمنون حقا. ومنهم من تضرر بالفقر، والظلم العثماني - ومنهم من جمع بين الإيمان والضرر الاجتماعي.
فكانت ثورة!.
ويذكر ابن الأثير إن من بين القوم من ثار فأخذ ما وجد، وتنادوا: أدركوا بيت المال ولا تسبقوا إليه، وأتوا بيت المال فانتهبوه وماج الناس، وكان هؤلاء هم المتضررين اقتصاديا من سياسة عثمان المالية، وقد وثب عليه عمرو بن الحمق وكان ولا يزال به رمق، فطعنه تسع طعنات، قال: فأما ثلاث منها فإني طعنتهن إياه لله تعالى. وأما ست فلما كان في صدري عليه. وأقبل عليه عمير ابن صامي ووثب عليه وكسر ضلعا من أضلاعه وقال: سجنت أبي حتى مات في السجن (149). وكان قتله في الثامن عشر من ذي الحجة سنة 35 ه في يوم الجمعة