وجهه: (إرجع يا عدو الله). (إرجع يا بن النابغة، لست عندنا بأمين ولا مأمون).
ولما رأى عثمان أنه محاصر، ومطلوب لا محالة، عاهدهم على تنفيذ كتاب الله وسنة نبيه، وأن يعدل بين المسلمين، ويغير عماله ويعزلهم، وبأن يرد المنفي ولا يجمر في البعوث وأن علي بن أبي طالب ضمين للمؤمنين والمسلمين. وحيث إن جماعة من المهاجرين والأنصار تبلغ ثلاثين رجلا تحت قيادة علي (ع) راحوا إلى المصريين يتوسطون، ويطلبون من المصريين الرجوع ويذكر ابن الأثير، إن عثمان جاء قبل ذلك إلى علي يطلبه النصرة وبأن يرد القوم عنه، فقال له الإمام علي (ع): على أي شئ أردهم عنك؟ قال على أن يصير إلى ما أشرت إليه ورأيته لي.
فقال علي: إني قد كلمتك مرة بعد أخرى فكل ذلك نخرج ونقول ثم ترجع عنه، وهذا من فعل مروان وابن عامر ومعاوية وعبد الله بن سعد، فإنك أطعتهم وعصيتني. قال عثمان: فأنا أعصيهم وأطيعك. وفعلا تم رد المصريين استجابة لطلب الإمام علي (ع) فرجعوا.
إن الإمامة أو الخلافة قانون يحكم مجتمع الإسلام. ومهما ضعف عثمان عن تحمل هذا العبء فإنه لن يعذر أمام القانون، لأنه كم قد يفسد المجتمع لو أننا أعذرنا من يضعف أو يجهل القانون. وما كان عثمان سوى واجهة، ومطية للزمرة المشبوهة من بني أمية، يركبونها، وهو مرتاح لذلك، ويعز عليه أن يرضي الأمة بالعدل، على إغضاب أقربائه على الباطل.
كان مما اتفق عليه بين عثمان والمصريين هو عزل والي مصر، وجعل محمد بن أبي بكر. فأقرهم على ذلك، فرجعوا. وما أن ساروا قليلا، إذا براكب جمل، أرابهم أمره، ففتشوه فإذا به يحمل صحيفة من عثمان إلى خليفته عبد الله بن سعد:
إذا قدم عليك النفر، فاقطع أيديهم وأرجلهم.. وبأن يقتل محمد بن أبي