ذكروا أن عمر قال: لو كان أبو عبيدة لاستخلفته (114)، وهو بذلك يكون قد وفي بالعهد، ولو بإثباته بالكلام، ضمن الصفقة الثلاثية التي جرت في سقيفة بني ساعدة، غير أن موته أفسد المخطط، فأعد عمر بن الخطاب هذه (الهندسة) السياسية الحاقدة.
أما مجريات الأمور بين المستخلفين الستة، فإنها، تتحفنا بحقائق أخرى.
فعبد الرحمن بن عوف، كان عراب المشروع العمري، وهو الذي طرح نفسه كشاهد بعد أن تنازل عنها، وفجأة أصبح وكأنه هو المنصب الرئيس لما تسلم مجلس الرسول صلى الله عليه وآله، ولما بقي الأمر كله بيده، دعا عليا (ع) قبل عثمان.
وكانت هذه عملية تمويهية، فهو يدرك أن عليا سوف يرفض سلفا اقتراحه، وشروطه حتى أنه كان سبب عزل علي (ع) وتنصيب عثمان، اتباع سيرة الشيخين، وكان علي (ع) ذا موقف حاد من هذا الشرط. ذلك أنه شرط، لا مغزى له بعد شرطي (كتاب الله، وسنة رسوله).
وهذا كان يعني واحدا من أمرين:
- فإما أن سيرة الشيخين تمثل الكتاب والسنة، وبالتالي، فإيرادها هنا سيكون لغوا زائدا.
- أو أنها شئ جديد، فلا يلزم علي (ع) باتباعها، والدليل على أنه شئ جديد، إن عليا (ع) تمسك بالكتاب والسنة. فعزل بسبب عدم قبوله بسيرة الشيخين.
ولفتة أخرى وهي الأهم. إن الإمام عليا (ع) كان ينظر إلى الخلافة كحق مقدس، ومسؤولية ربانية. وهو لهذا تمسك برأيه، ولم يكن بينه وبينها - لو كان فعلا همه الخلافة - سوى الاعتراف، ولو علنا، بسيرة الشيخين. دعنا نر سيرة الشيخين في سياسة عثمان، وإلى أي وضع أدى المخطط السداسي العمري!.