لأبي طلحة الأنصاري، (إن الله تعالى طالما أعز الإسلام بكم، فاختر خمسين رجلا من الأنصار، فاستحث هؤلاء الرهط حتى يختاروا رجلا).
وقال لصهيب (صل بالناس ثلاثة أيام، وأدخل عليا، وعثمان والزبير وسعدا وعبد الرحمن بن عوف وطلحة وأحضر عبد الله بن عمر، ولا شئ له من الأمر، وقم على رؤوسهم. فإن اجتمع خمسة ورضوا واحدا منهم وأبى واحد فاشرخ رأسه واضرب رأسه بالسيف، وإن اتفق أربعة فرضوا واحدا وأبي اثنان فاضرب رؤوسهما، وإن رضي ثلاثة منهم رجلا واحدا منهم وثلاثة رجلا منهم فحكموا عبد الله بن عمر، فأي الفريقين حكم فليختاروا رجلا منهم، فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر، فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف واقتلوا الباقين إن رغبوا عما اجتمع عليه الناس).
لقد جرى الجمهور على تقبل هذا الحديث دون إكمال العقل والنظر فيه.
وكأن عمر ينطق بالوحي، لذلك سوف نتبين ونحن نتأمل بثاقب النظر، ونافذ الرأي، إن العملية محسوبة سلفا، ودقة الترتيب تفيد أن الأمر كان مخططا في ذهن عمر منذ زمان، والمسألة تبدو حسابية، ولم نعهد على العرب هذه البديهية في الحساب، غير أن بديهية الإمام علي (ع) كانت أسرع، ففهم مقاصد اللعبة، فقال للعباس فور انتهاء عمر من كلامه: (عدلت عنا) قال له العباس: وما علمك قال الإمام علي (ع): (قرن بي عثمان وقال: كونوا مع الأكثر، فإن رضي رجلان رجلا ورجلان رجلا، فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، فسعد لا يخالف ابن عمه عبد الرحمن، وعبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفون: فيوليها عثمان أو يوليها عثمان عبد الرحمن، فلو كان الآخران معي لم ينفعاني، بله إني لا أرجو إلا أحدهما).
فخلع عبد الرحمن نفسه، ورضوا أن يكون هو الذي يختار للمسلمين. وفي اليوم الرابع، صعد عبد الرحمن المنبر في الموضع الذي كان يجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: (أيها الناس، إني قد سألتكم سرا وجهرا عن إمامكم، فلم أجدكم تعدلون بأحد الرجلين: إما علي وإما عثمان. فقم إلي يا علي! (109) فوقف