وبذلك تتوضح الرؤية أكثر، من خلال حضور عمرو بن العاص، كشفيع لعبيد الله، وإقناع عثمان بالعفو عنه. بعد أن تبين الحكم الحقيقي فيه في قضاء الإمام علي (ع).
فالتدبير لقتل عمر بن الخطاب، لم يكن بذلك البساطة التي رواها التاريخ المطرز. وإنما هي نتيجة لمخطط مدروس، يمكن رمقه من خلال التحولات التي جرت فيما بعد ذلك.
2 - القمع الاجتماعي: - من العوامل التي سهلت على التيار الأموي القيام بعملية الاغتيال هذه، هو العزلة الشعورية التي كانت تفصله عن عامة المجتمع الذي كان يبحث عن المواقع التي تبعده عن عمر بن الخطاب، ذلك أن ما قام بن عمر كان يختلف كثيرا، كثيرا عما كان يقوم به النبي صلى الله عليه وآله والطبع العمري كان مرفوضا من كل فئات المجتمع. لقد كان المجتمع العربي ذا خصوصيات في الطبع والمزاج وإن الطبيعة القاسية والغاضبة التي صنعتها إياه بيئة الصحراء جعلته منه مجتمعا عصبيا متمردا. ولهذا قال الله سبحانه، لنبيه محمد صلى الله عليه وآله في القرآن (ولو كنت فظا غليظ القلب، لانفضوا من حولك) وبهذا المنهاج، سار النبي صلى الله عليه وآله في خط الدعوة والإرشاد بيد أن عمر بن الخطاب، لم يسر كذلك ولعل مرجع هذا، لفراغه من الاستحقاق الذي يشد إليه الرعية، ولخلوه من الخصائص التي نحمدها عليه العرب، فلجأ إلى القمع، كتعويض عن ذلك الاستحقاق المفقود!
ولعل مرده أيضا، إلى طبيعته التي جبل عليها، إذ أن صورته الجسدية، تحتوي على كل سمات الغلظة والفضاضة.
في شخصية عمر، علامات يمكن إرجاعها إلى عاملين أساسين يمكننا من خلالها رسم الحالة النفسية لعمر بن الخطاب بالشكل الذي قد لا يتفق مع ما ذهب إليه العقاد في عبقريته؟.
الأول: - العامل الجسدي.
الثاني: - عامل (العقدة) النفسية.