جاء عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة والقوم في البيت يتشاورون (أي بخصوص الخلافة بعد مقتل عمر) فجلسا بالباب، فحصبهما (94) سعد وأقامهما.
فتحصبهما، لم يكن اعتباطيا، وفلتة تلقائية. فالرجلان من أدهى العرب كما تقدم، ومن عملاء الأمويين. ثم أن رمي (سعد) لهما بالحصباء دليل على أن أمرهما ليس عاديا.
وهكذا كانت قصة التبييت لمقتل عمر ابن الخطاب، الذي بالغ في مودته للفئات الأموية وصفات الإيمان (95) رغم ما كانوا يلقونه منه من قسوة عابرة. حيث كان عماله من أمثال، سمرة بن جندب، وعاصم بن قيس، والحجاج بن عتيك ونافع بن الحرث، وأبو هريرة، ومعاوية، وابن العاص، والمغيرة بن شعبة، ويزيد بن أبي سفيان. وكان قد توصل إلى أنهم نهبوا الأموال، وكدسوها بعد أن كانوا فقراء، مثل أبي هريرة، لما قال له عمر علمت أني استعملتك على البحرين، وأنت بلا نعلين، ثم بلغني أنك ابتعت أفراسا بألف وستمائة دينار (96) ومع ذلك لم يقم عليه الحكم الشرعي، بل اكتفى بمقاسمتهم الأموال. وكان من الواجب أن يحاكمهم على هذا الاختلاس، ويعزلهم، ولكنه لم يفعل ذلك، والتاريخ يروي عكس هذا. ظل أمثال أبي هريرة ومعاوية وابن العاص وغيرهم من الطلقاء، أمراء إلى آخر أعمارهم.
ولعل هذا هو السر. فعمر ابن الخطاب سواء أكان سطحيا في اختياراته أو ذكيا فيها. فإنه كان قاصدا في الابقاء عليهم في هذه الإجارات. وذكر بن أبي الحديد في شرح النهج، أنه قيل لعمر: إنك استعملت يزيد بن أبي سفيان، وسعد بن العاص، وفلانا وفلانا من المؤلفة قلوبهم من الطلقاء وأبناء الطلقاء.
وتركت أن تستعمل عليا والعباس والزبير وطلحة؟! فقال: أما علي فانبه من