(أرجع يا أبا سفيان فوالله ما تريد الله بما تقول ولا زلت تكيد للإسلام وأهله ونحن مشاغيل برسول الله صلى الله عليه وآله وورد أيضا في تاريخ (الطبري) بسنده إنه لما استخلف أبو بكر قال أبو سفيان ما لنا ولأبي فيصل، إنما هي بنو عبد مناف، فقيل له إنه قد ولى ابنك قال وصلته رحم. وكذلك فعل عمر ابن الخطاب، بعد أن ولى على الشام يزيد بن أبي سفيان، ومعاوية بن أبي سفيان بعده، ثم عثمان بن عفان، إعرابا عن هذه المودة بينه وبين بني أمية.
هذا الوعي السياسي العميق، كان يملكه الإمام علي (ع) وقد تجلى في رفضه لشخص أبي سفيان الطليق في حين افتقد هذا الوعي الخليفتان. وبرز في عهد عمر لأنه الأطول عهدا بالخلافة. إنه (ع) أدرك أن لا مرونة مع تيار قوي. يبني نفسه في الخفاء، ليعيد مكانته في الجزيرة العربية. ويسعى إلى تدمير بني هاشم، والانتقام للأجداد.
ولكن عمر قد دفع ثمن سطحيته السياسية. لقد استفاد الأمويون من مودته لهم. وصبروا على لذعه وتشدده السطحي. فقووا شوكتهم. وحققوا قدرا من التراكم والنفوذ. مكنهم من السيطرة على أسباب القوة في الجزيرة العربية. وبعد ذلك وجدوا أن المرحلة قد نضجت لإزاحة عمر ابن الخطاب عن الخلافة. ذلك لأن عمر هذا طالت خلافته كثيرا. ثم لأنه بدأ يتجه في غير مجرى مصالحهم.
ولأن مصلحتهم المرحلية في طور متقدم لا يصلح لها عمر. فعمر ابن الخطاب، ليس جديرا بالخلافة بالمقياس القبلي للأمويين، وهو ليس في شرف بني عبد الدار. ثم لأنه بدا لهم إن عثمان قريبهم بدا يشيخ ولم ينلها، وهو المرشح بعد عمر، لقربه كيف لا، وعثمان هو الذي كتب الكتاب لأبي بكر خلافة عمر وهو الوحيد الذي لم يقف ضد عمر، بل تحمس لذلك حتى قال له أبو بكر:
(جزاك الله عن الإسلام خيرا).
فهم أدركوا وبترتيباتهم الخاصة، أن الأمر لعثمان لا مناص. وحيث إن الشام تحولت إلى منطقة نفوذ للأمويين. وقد كانوا يكرهون عمر ابن الخطاب نفسه، بقول ابن قتيبة: