المؤرخين أن عائشة لما همت بالخروج إلى البصرة لمحاربة الإمام علي فيما سمي بحرب الجمل أرسلت إلى أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمهات المؤمنين تسألهن الخروج معها فلم يستجب لها منهن إلا حفصة بنت عمر التي تجهزت وهمت بالخروج معها لكن أخاها عبد الله بن عمر هو الذي منعها وعزم عليها فحطت رحلها (1) ومن أجل ذلك كان الله سبحانه يتهدد عائشة وحفصة معا في قوله: وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرا وكذلك قوله: إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ولقد ضرب الله لهما مثلا خطيرا في سورة التحريم ليعلمهما وبقية المسلمين الذين يعتقدون بأن أم المؤمنين تدخل الجنة بلا حساب ولا عقاب لأنها زوجة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كلا، فقد أعلم الله عباده ذكورا وإناثا بأن مجرد الزوجية لا تضر ولا تنفع حتى ولو كان الزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإنما الذي ينفع ويضر عند الله هو فقط أعمال الإنسان. قال تعالى:
ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل أدخلا النار مع الداخلين [التحريم: 10].
وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذا قالت: رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين. ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين [التحريم: 11 - 12].
وبهذا يتبين لكل الناس بأن الزوجية والصحبة وإن كانت فيهما فضائل كثيرة إلا أنهما لا يغنيان من عذاب الله إلا إذا اتسمتا بالأعمال الصالحة، وإلا فإن العذاب يكون مضاعفا. لأن عدل الله سبحانه يقتضي أن لا يعذب البعيد الذي لم يسمع الوحي كالقريب الذي ينزل القرآن في بيته والإنسان الذي عرف الحق فعانده كالجاهل الذي لم يعرف الحق.