وأعتقد بأن رواة الحديث استفضعوها واستعظموها فأبدلوها بعبارة (كذا وكذا كما هي عادتهم في مثل هذه القضايا.
وها هي عائشة أم المؤمنين تحكي مرة أخرى عن غيرتها من أمهات المؤمنين قالت: ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، وذلك أنها كانت جميلة جعدة وأعجب بها رسول الله، وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيت حارثة بين النعمان، وفزعنا لها فجزعت، فحولها رسول الله إلى العالية فكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشد علينا ثم رزقه الله الولد منها وحرمناه (1).
كما أن عائشة تعدت غيرتها دائرة مارية ضرتها إلى إبراهيم المولود الرضيع البرئ! قالت لما ولد إبراهيم جاء به رسول الله إلي، فقال: أنظري إلى شبهه بي، فقلت: ما أرى شبها. فقال رسول الله: ألا ترين إلى بياضه ولحمه؟ قالت فقلت: من سقي ألبان الضان ابيض وسمن (2).
وقد تعدت غيرتها كل الحدود وفاقت كل تعبير عندما وصلت بها الظنون والوساوس إلى الشك في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكانت كثيرا ما تتظاهر بالنوم عندما يبات عندها رسول الله ولكنها ترقب زوجها وتتحسس مكانه في الظلام وتتعقبه أين ما ذهب وإليك الرواية عن لسانها والتي: أخرجها مسلم في صحيحه والإمام أحمد في مسنده وغيرهم قالت: لما كانت ليلتي التي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها عندي انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع فلم يلبث إلا ريثما ظن أن قد رقدت فأخذ رداءه رويدا وانتعل رويدا وفتح الباب فخرج ثم أجافه رويدا فجعلت درعي في رأسي