فقد قال تعالى لها ولحفصة: وإن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما، أي أنها زاغت وانحرفت عن الحق (1) وقوله: إن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرا هو تهديد صريح من رب العزة لها ولحفصة التي كانت كثيرا ما تنصاع لها وتعمل بأوامرها. وقال الله لهما: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات وهذه الآيات نزلت في عائشة وحفصة بشهادة عمر بن الخطاب كما جاء في البخاري (2). فدلت هذه الآية لوحدها على وجود نساء مؤمنات في المسلمين خير من عائشة.
ومرة بعثها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما أراد أن يخطب لنفسه شراف أخت دحية الكلبي، وطلب من عائشة أن تذهب وتنظر إليها ولما رجعت كانت الغيرة قد أكلت قلبها فسألها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما رأيت يا عائشة؟ فقالت:
ما رأيت طائلا! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لقد رأيت طائلا، لقد رأيت خالا تجدها اقشعرت منه ذوائبك. فقالت: يا رسول الله ما دونك سر، ومن يستطيع أن يكتمك (3).
وكل ما فعلته عائشة مع حضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مؤامرات كانت في أغلب الأحيان تجر معها حفصة بنت عمر والغريب أننا نجد تفاهما وانسجاما تاما بين المرأتين عائشة وحفصة كالانسجام والتفاهم بين أبويهما أبو بكر وعمر غير أنه في النساء كانت عائشة دائما هي الجريئة والقوية وصاحبة المبادرة وهي التي كانت تجر حفصة بنت عمر وراءها في كل شئ. بينما كان أبوها أبو بكر ضعيفا أمام عمر الذي كان هو الجرئ والقوي وصاحب المبادرة في كل شئ ولقد رأينا في ما مر من الأبحاث أنه حتى في خلافته كان ابن الخطاب هو الحاكم الفعلي - وقد حدث بعض