عمر فلما أكثروا اللغط والاختلاف (1) قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قوموا عني لا ينبغي عندي التنازع (2) فالمفهوم من كثرة اللغو واللغط والاختلاف والتنازع، أنهم تجاوزوا كل الحدود التي رسمها الله لهم في سورة الحجرات كما مر. ولا يمكن إقناعنا بأن اختلافهم وتنازعهم ولغطهم كان همسا في الآذان بل يفهم من كل ذلك بأنهم رفعوا أصواتهم حتى أن النساء اللاتي كن وراء الستر والحجاب شاركن في النزاع وقلن قربوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكتب لكم ذلك الكتاب فقال لهن عمر: إنكن صويحبات يوسف إذا مرض عصرتن أعينكن وإذا صح ركبتن عنقه فقال له رسول الله: دعوهن فإنهن خير منكم (3).
والذي نفهمه من كل هذا بأنهم لم يمتثلوا أمر الله في قوله: يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ولا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولم يحترموا مقام الرسول ولا تأدبوا عندما طعنوه بكلمة الهجر.
وقد سيق لأبي بكر أن تلفظ بكلام بذئ بحضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وذلك عندما قال لعروة بن مسعود أمصص ببظر اللاب (4). وقال القسطلاني شارح البخاري معلقا على هذه العبارة، والأمر بمص البظر من الشتائم الغليظة عند العرب، فإذا كانت أمثال هذه الكلمات تقال بحضرته صلى الله عليه وآله وسلم فما هو معنى قوله تعالى: ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض؟.
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على خلق عظيم كما وصفه ربه وإذا كان أشد حياء من العذراء في خدرها كما أخرج ذلك