البخاري ومسلم (1) وقد صرح الشيخان البخاري ومسلم بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن فاحشا ولا متفحشا وكان يقول: إن من خياركم أحسنكم أخلاقا (2) فما بال صحابته المقربين لم يتأثروا بهذا الخلق العظيم؟
أضف إلى كل ذلك بأن أبا بكر لم يمتثل أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما أمر عليه أسامة بن زيد وجعله من جملة عساكره وشدد النكير على من تخلف عنه حتى قال: لعن الله من تخلف عن جيش أسامة (3) وذلك بعد ما بلغه صلى الله عليه وآله وسلم طعن الطاعنين عليه في مسألة تأمير أسامة التي ذكرها جل المؤرخين وأصحاب السير.
كما أنه سارع إلى السقيفة وشارك في إبعاد علي بن أبي طالب عن الخلافة، وترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسجى بأبي هو وأمي ولم يهتم بتغسيله وتكفينه وتجهيزه ودفنه متشاغلا عن كل ذلك بمنصب الخلافة والزعامة التي اشرأبت لها عنقه، فأين هي الصحبة المقربة والخلة المزعومة وأين هو الخلق؟ وأنا أستغرب موقف هؤلاء الصحابة من نبيهم الذي قضى حياته في هدايتهم وتربيتهم والنصح لهم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم.. فيتركونه جثة هامدة ويسارعون للسقيفة لتعيين أحدهم خليفة له. ونحن نعيش اليوم في القرن العشرين الذي نقول عنه بأنه أتعس القرون وأن الأخلاق تدهورت والقيم تبخرت ومع كل ذلك فإن المسلمين إذا مات جار لهم أسرعوا إليه وانشغلوا به حتى يواروه في حفرته ممتثلين قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: إكرام الميت دفنه.