السيف والسياسة - صالح الورداني - الصفحة ١١٢
وكون الرسول يوصي بعلي وأهل البيت في خطبة الوداع فكأنه يؤكد للأمة ضرورة الالتزام بالإسلام النبوي الذي سوف يمثله علي من بعده. ويحذرها من الانحراف عن هذا الإسلام بترك موالاة الإمام علي وأهل البيت.
لقد ترك الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة الكتاب وربط هذا الكتاب بآل البيت بزعامة الإمام علي فمن التزم بالكتاب التزم بآل البيت. ومن حاد عن الكتاب حاد عن آل البيت.
إن ربط الكتاب بالإمام يضفي المشروعية على كل خطوات الإمام ومواقفه. فهو قد اختير من قبل الرسول ليكون مفسر هذا الكتاب والمعبر عنه والناطق بلسانه.
ومن هنا يتبين لنا أن شخصية الإمام ومكانته ودوره لا يقاس به أحد. وإن محاولة فهم حركة الإمام علي بمعزل عن هذه الرؤية سوف يموه على حقيقة الصراع الذي دار بينه وبين أنصار الخط القبلي بقيادة أبي بكر وعمر وعثمان والذي تطور إلى الصدام العسكري مع عائشة وطلحة والزبير ومع الخوارج ثم في النهاية مع بني أمية بقيادة معاوية.
وأن محاولة رفع بني أمية أو التقليل من شأن الإمام علي أو مساواته بمعاوية كما هي عقيدة أهل السنة ليست فقط سوف تؤدي إلى التمويه على حقيقة الصراع الذي دار بين الإمام وخصومه كما هو الهدف الظاهر منها. وإنما سوف تؤدي إلى التمويه على حقيقة الإسلام النبوي الذي يمثله الإمام نيابة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وبالتالي سوف تكون النتيجة هي ارتفاع الإسلام القبلي إسلام بني أمية وعلو مكانته على حساب الإسلام النبوي (27).
وتلك هي النتيجة التي استقرت عليها الأمة بعد وقعة صفين وبعد اختفاء الإسلام النبوي وسيادة الإسلام القبلي على يد بني أمية ذلك الإسلام الذي تعبر عنه عقيدة أهل السنة والذي تحول إلى دين الأغلبية بدعم الحكومات المتعاقبة من عصر بني أمية وحتى اليوم.

(٢٧) يروى عن عبد الله بن حنبل قال: سألت أبي ما تقول في علي ومعاوية؟ فأطرق. ثم قال: إعلم أن عليا كان كثير الأعداء ففتش أعداؤه له عيبا فلم يجدوه، فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه كيادا منهم لعلي.. وقال ابن حجر معلقا على هذا الكلام. فأشار بهذا - أي ابن حنبل - إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له.. أنظر فتح الباري ج‍ 7 / 104.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة