لا يصح عند أحد من الصحابة أنه رضي بقتل عثمان. بل كلهم كرهه ومقته وسب من فعله. ولكن بعضهم يود لو خلع نفسه من الأمر كعمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر وعمرو بن الحمق وغيرهم (24).
وكلام ابن كثير هذا - وهو فقيه أموي النزعة - يحمل الكثير من المتناقضات إذ كيف للصحابة وأهل المدينة وهم يرون هذه الثورة العارمة ضد عثمان ولا يتوقعون مقتله؟ وكيف لهم أن يتركوا الدفاع عنه وهم يرونه ضائع لا محالة في مواجهة ألفي مقاتل..؟
وكيف يستقيم هذا التفسير مع قوله أن كثير من الصحابة اعتزلوا الفتنة؟.
وعلى أي أساس نفي ابن كثير وجود موقف من عثمان ورضي بقتله في الوقت الذي تؤكد الروايات أن هناك عدد من الصحابة كان يتزعم هذه الثورة ويحرض المسلمين على عثمان؟
وكيف له أن يؤكد أن عمار أو ابن أبي بكر وابن الحمق تراجعوا عن موقفهم العدائي..؟
ثم أين معاوية وجيشه..؟
وابن كثير يدافع عن عثمان دفاعا مستميتا مبررا منكراته مضيفا عليها الشرعية وهو بهذا إنما يدافع عن خطه وفقهه الذي ورثه من القوم والذي هو نابع من الخط الأموي. فمن ثم ليس مستغربا منه هذا الموقف ولا من أي من فقهاء الشام مثل الذهبي والنووي وابن تيمية وابن عساكر وغيرهم ممن ناصبوا خط آل البيت العداء (25).
يقول ابن كثير: أنه قيل لعثمان حين أنكر أمر البريد - أي الكتاب الذي زوره مروان وعاد على أساسه الثوار لحصار عثمان بعد أن تركوا حصاره لرضوخه لمطالبهم -: إن لم تكن قد كتبته بل كتب على لسانك وأنت لا تعلم فقد عجزت ومثلك لا يصلح للخلافة. إما لخيانتك وإما لعجزك.
ويعلق ابن كثير على هذا الكلام بقوله: وهذا الذي قالوه باطل على كل تقدير