السيف والسياسة - صالح الورداني - الصفحة ١١٠
وبشر بظهور الخوارج وقتالهم علي (19).
ومثل هذه النبوءات التي ارتبطت بعلي من دون بقية الصحابة إنما تؤكد أن للإمام علي خاصية يتفرد بها على الآخرين وهي خاصية العلم.
أما الملمح الثالث فهو القيادة. وهي صفة خاصة جعلت من الإمام قائدا نبويا وليس مجرد قائد كبقية القادة الذين برزوا على ساحة التاريخ. والقيادة النبوية شئ متفرد واختص به الإمام ليلعب دورا من بعد الرسول ويسد الفراغ الذي حدث بغيابه.
وبتأمل سلوك الرسول صلى الله عليه وسلم مع الإمام وعلاقته به تتحدد لنا بوضوح هذه الخاصية.
يروي ابن عباس: دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية إلى علي وهو ابن عشرين سنة (20).
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله. ويحبه الله ورسوله: فلما كان الغد دعا عليا فدفعها إليه (21).
وكان الصحابة يرددون لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي. وقد قتل أشهر فرسان العرب يوم الخندق وأصاب المشركين بنكسة معنوية كبيرة (22).
وشجاعة الإمام علي ليست بحاجة إلى برهان وسيرته مع الرسول تشهد بذلك.

(١٩) أنظر مسلم كتاب الزكاة. باب ذكر الخوارج وصفاتهم والتحريض على قتلهم.
ويروي علي عن الرسول (ص) قوله: يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية. لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة.. أنظر مسند أحمد والبخاري كتاب الفتن ومسلم.، وانظر أحاديث حذيفة في كتاب الفتن بالبخاري وهي تبين أن هناك ردة وكفر بعد رسول الله. وحديث كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر. وحذيفة من خط الإمام علي. ويمكن للباحث أن يقارن بين روايات أنصار الخط القبلي وروايات أنصار الإمام ليدرك مدى الهوة السحيقة بين الطرفين ومدى الفارق العلمي بينهما.
(20) رواه الطبراني..
(21) أنظر البخاري ومسلم. باب فضائل علي. ومسند أحمد ج‍ 2.
(22) الفارس الذي قتله علي هو عمرو بن الود.
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة