وفي مواجهة الأحاديث الواردة حول الأئمة الاثني عشر الواردة في مسلم اضطر القوم إلى صرفها عن معناها وتحويلها نحو الحكام حتى لا تكون حجة عليهم من قبل خصومهم الشيعة (17)..
وقد حدد الفقهاء الأئمة الاثنا عشر الذين بشر بهم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وربط عزة الإسلام بهم في دائرة الخلفاء وحكام بني أمية. فأولهم أبو بكر - ثم عمر - ثم عثمان - ثم - علي - ثم معاوية ثم يزيد بن معاوية ثم عبد الملك بن مروان وأولاده الأربعة الوليد وسليمان ويزيد وهشام ثم عمر بن عبد العزيز وبعدهم أخذ الأمر في الانحلال (18)..
وبتفحص سيرة هؤلاء دون سيرة الإمام بالطبع سوف يتبين لنا أنه لا تتوافر في أحدهم أدنى صفات الإمامة وأن هؤلاء لا يخرجون عن كونهم مجرد حكام طبق عليهم الفقهاء النص تحت ضغط السياسة ولصرف المسلمين عن أئمة آل البيت الذين يقصدهم النص والذين تنطبق سيرتهم وصفاتهم على النص المذكور (19)..
ولقد تبين لي أن فقهاء القوم يتتبعون الروايات الواردة في آل البيت والروايات التي تساندهم ويعمدون إلى تأويلها وتبريرها حتى يغلقوا باب الشك حول خطهم وأطروحتهم..
ففي مواجهة رواية غضب فاطمة وهجرها لأبي بكر فلم تكلمه حتى ماتت.
ينقل ابن حجر أقوال الفقهاء حولها على النسق التالي:
فلم تكلمه: أي فلم تكلمه في ذلك المال.
أن فاطمة حملت كلام أبي بكر على أنه لم يسمع ذلك من رسول الله وإنما سمعه من غيره ولذلك غضبت.. ومن قول فاطمة لأبي بكر وعمر لا أكلمكما أي في هذا الميراث (20)..
ونقل عن بعضهم: إنما كانت هجرتها انقباضا عن لقائه والاجتماع به وليس ذلك من الهجران المحرم.. وأما سبب غضبها مع احتجاج أبي بكر بالحديث فلاعتقادها تأويل الحديث على خلاف ما تمسك به أبو بكر وكأنها اعتقدت تخصيص العموم في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا نورث. ورأت أن منافع ما خلفه من أرض وعقار لا يمتنع أن تورث عنه. وتمسك أبو بكر بالعموم. واختلفا