يروي البخاري أن عمر قال لأبي بكر: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن. وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن.
وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. قلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله؟ قال عمر: هذا والله خير. فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر (3)..
وهذه الرواية نخرج منها بالملاحظات التالية:
- أن الرسول ترك الأمة والقرآن في صدور الرجال..
- أن القرآن مهدد بالضياع بسبب معركة اليمامة..
- أن أبا بكر لم يكن يعنيه هذا الأمر..
- أن عمر ذكره بأهميته وضرورته..
- أن أبا بكر احتج بأن الرسول لم يفعل ذلك..
- أن عمر أكثر من الالحاح عليه في هذا الأمر..
ومثل هذه الملاحظات إنما تؤكد شيئا واحدا هو أن الرسول قصر في مهمته وترك القرآن مشتتا بين صدور الرجال مما يهدد بضياعه. وهذا يعني اتهام الرسول بالإهمال..
لكن تقصي الروايات الواردة على لسان الرسول عن القرآن تكشف لنا أن القرآن كان موجودا ومجموعا في عهده وأن هناك عددا من مشاهير الصحابة كانوا من كتاب الوحي منهم الإمام علي وأن هناك الكثير من النصوص التي جاءت عن الرسول تحض الأمة على ضرورة التمسك بالقرآن والإكثار من قراءته والعناية به (4)..
وإذا ما صح هذا التفسير فإن هذا يعني نفي شبهة التقصير والاهمال عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وظهور شبهة أخرى تتعلق بموقف أبي بكر وعمر من القرآن. فإذا كان القرآن مجموعا وموجودا فلماذا أصر عمر على جمعه متحججا بوقعة اليمامة وملحا على ذلك؟..
إن عدم حماسة أبو بكر لهذا الأمر تدل على أن المراد بالجمع شئ آخر. فلو