الإسلاميين. وأصبحت تتاجر بفريضة الحج عن طريق بيع التأشيرات التي تحصل عليها من السعودية لأداء فريضة الحج إلى شركات السياحة التي تقوم بدورها ببيعها للجمهور بأثمان باهظة تحت ما يسمى بالحج السياحي (3)..
ولقد انعكست كل هذه المعالم على حالة التدين عند المصريين لتحوله إلى تدين مزاجي متقلب وفق الظروف والمتغيرات وأحيانا وفق سياسة الدولة..
وعلى الرغم مما يشاع عن مصر أنها أكثر شعوب العالم الإسلامي تدينا فإننا لا نجد على ساحة الواقع ما يؤكد هذا الادعاء. فنسبة ضئيلة فقط هي التي تمارس الصلاة اليومية بينما الغالبية العظمى منهم تداوم على صلاة الجمعة فقط. وجميعهم يحلم بأداء فريضة الحج وزيارة قبر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أن تحقق هذا الحلم لديهم لا يغير من سلوكياتهم شيئا. فالمعوج يظل معوجا. وتارك الصلاة يظل تاركها..
ويتكل المصريون على فريضة الحج وفريضة الصوم التي لا يتخلف عنها أحد اتكالا وذلك لاعتقادهم أن الحج والصوم يجب ما قبله من الآثام والموبقات فمن ثم هم يعتبرون صوم رمضان فرصة للتطهير من أوزار العام الماضي فيقبلون على الصلاة فيه ويكثرون من تلاوة القرآن ثم إذا انتهى الشهر عادوا إلى ما كانوا عليه. ويعتقد الحاج أيضا أنه بحجه قد غسل نفسه وطهرها وعاد كيوم ولدته أمه..
وحتى حب آل البيت الكامن في نفوس المصريين كان بتأثير الحكومات وهو وليد العهد الفاطمي على وجه الخصوص. وهو حب سطحي لا ينم عن ولاء حقيقي لآل البيت. ومثل هذا الحب هو الذي أدى لانتشار الطرق الصوفية بكثرة بين صفوف المصريين لتصبح التيار الإسلامي الرئيسي في مصر (4)..
وعلى مستوى التشيع فإن المصريين حملوا رواسبهم معهم وألقوا بها عليه بل حاولوا أن يصبغوه بصبغتهم. فهم يمارسون التشيع بأسلوب العصر الأموي من المبالغة في التقية إلى الحد الذي يتنافى مع الواقع. وهم قد تأثروا تأثيرا بالغا بالثورة الإسلامية في إيران ليس بسبب أنهم يؤمنون بنهج التغيير الثوري ولكن لأنهم يحلمون بتحقيق مثل هذه الثورة في واقعهم. وحتى هذا الحلم حاسبتهم عليه الدولة (5)..