لهذا الدور سوى المهدي..
أليست هذه الغاية السامية الرفيعة تبرر طول عمره؟ وعلى الرغم من هذه الاستنتاجات كان يطرأ على ذهني هذا السؤال: ما هو المبرر في أن يبقي الله المهدي حيا طيلة هذه القرون وهو قادر أن يبعث رجلا من أهل العصر ليقوم بمهمته ودوره ويعينه على إظهار دينه؟ أليس ذلك من الأولى؟..
إلا أن النظرة التأملية في واقع القوم ماضيا وحاضرا كانت تعطيني من الإشارات ما يكفي لرفض هذا السؤال من الأصل لا مجرد الإجابة عليه. فالقوم يعتنقون هذا التصور وهو أن المهدي سوف يكون من أهل العصر الذي سوف يظهر فيه أي أنه لم يولد بعد. ورغم ذلك لا توجد آثار أو انعكاسات لهذا التصور في واقعهم ومعنى ذلك أن الحكمة من وراء ظهوره منعدمة. فالقوم نيام وكأنهم لا يعلمون شيئا عن المهدي وكأنه لن يظهر. حتى أن بعضهم شكك في ظهوره وأنكر الروايات الواردة بشأنه. فقوم ينتظرون المهدي لا بد أن يستعدوا له وأن يبشروا بقدومه وأن يعلنوا الولاء له. إلا أن واقعهم يشهد بضد ذلك فهم نيام كما ذكرنا وبالإضافة إلى هذا يدعمون الحكام أعداء المهدي ويوالونهم وهم بهذا يسهمون في عرقلة مسيرته وضربها وقوم هذا حالهم في الماضي والحاضر لا يصح أن يخرج المهدي من بينهم إذ ليس في واقعهم ما يبرر إفراز مثل شخصية المهدي. وإذا ظهرت فسوف تحوم حولها الشكوك. ولعل هذا هو سر ظهور الكثير من الشخصيات التي تدعي أنها المهدي من بينهم والتي سرعان ما يكتشف كذبها. فلا هؤلاء هم قوم المهدي. ولا هذا هو واقع نشأته وظهوره؟..
وما دام المهدي لن يكون من هؤلاء..
وما دام هو سوف يقوم بهذا الدور الهام والمصيري المشابه لدور الرسول..
فلا بد أن يكون من فئة خاصة ومنتقاة..
ولا بد أن يكون من خارج دائرة العصر لأن الفئة الخاصة المنتقاة - آل البيت - كان هو آخر سلالتها فأبقاه الله حيا إلى زمان ظهوره من باب الإعجاز ومن باب الفتنة أيضا..