(ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون) (1)، أي ورثة، إلى غير ذلك.
ومن أكمل معانيه وأتمها - بل ومن أشهرها وأظهرها - هو الأولى بالإنسان من نفسه، فالمولى بهذا المعنى، يطلق على كل عال ذي مقام شامخ، مطاع أمره، نافذ حكمه، فيقول له: أنت مولاي، أي أولى بي من نفسي، بل وبهذا المعنى، يطلق أيضا على مالك الرقبة، فإنه أولى بعبده من نفسه، إذ هو المتصرف في أموره وشؤونه، والعبد كل على، لا يقدر على شئ.
ومن هنا: صح أن يقال: إن مالك الرقبة، ليس معنى آخر مستقلا للفظ المولى، في قبالة الأولى بالإنسان من نفسه، بل هو من مصاديقه وأفراده، والجامع بينهما هو كل عال ذي مقام منيع شامخ، مطاع أمره، نافذ حكمه، فكل من كان كذلك، فهو بالنسبة إلى من دونه مولاه، أي أولى به من نفسه، سواء كان ذلك ممن يملك رقبته، بحيث إن شاء باعه، كما في موالي العبيد، أم لا.
والخلاصة أن المولى الواقع في قوله صلى الله عليه وسلم (من كنت مولاه، فعلي مولاه)، ليس المراد منه إلا الأولى بهم من أنفسهم، الذي هو عبارة عن (الإمام) و (الأمير)، وذلك لأسباب كثيرة:
منها (أولا) قوله صلى الله عليه وسلم: (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فبعد ما قال أصحابه: بلى، قال: من كنت مولاه، فعلي مولاه)، فتفريعه صلى الله عليه وسلم قول: من كنت مولاه، على قوله: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم، دليل واضح على كون (المولى) هنا، بمعنى الأولى بهم من أنفسهم، وإلا لكان قوله: ألست أولى؟
لغوا جدا، هذا مع أن في كثير من طرق الحديث التفريع بالفاء صريحا، مثل قوله: فمن كنت مولاه، فعلي مولاه، وهذا أظهر وأصرح في التفريع، كما لا يخفى.