الرعية، يكون بهذا المعنى، أي هو المتصرف في أمورهم، وهكذا ولي الصبي وغيره.
وأيا ما كان الأمر، فإن الولي - بما له من المعنى المعروف والظاهر المشهود، سواء عبرنا عنه بمالك الأمر، أو بالأولى بالتصرف أو المتصرف - لا يكاد يطلق، إلا على من له تسلط وتفوق على غيره، وكان له التصرف في أموره وشؤونه، ثم إنه من المعلوم أن إرادة الجار أو الحليف، أو ما أشبه ذلك من لفظ (الولي) في الحديث الشريف، مما لا يناسب المقام، بل مما لا محصل له أصلا - كما قدمنا - فيبقى المحب والصديق والناصر ومالك الأمر، أو الأولى بالتصرف أو المتصرف، على اختلاف التعابير في المعنى الأخير.
هذا فضلا عن أن لفظة (من بعدي) مما ينافي إرادة المحب أو الصديق أو الناصر، إذ كونه عليه السلام محبا للمسلمين، أو صديقا أو ناصرا لهم، مما لا ينحصر بما بعد زمان النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو عليه السلام، كان كذلك في زمان النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن ثم فإن المراد من (الولي) في الحديث الشريف، إنما ينحصر في المعنى الأخير، وهو مالك الأمر، أو الأولى بالتصرف في أمور المسلمين وشؤونهم، وذلك لما فيه من المناسبة الشديدة، مع كلمة (من بعدي)، فيتعين هو - أي هذا المعنى - من بين سائر المعاني، وهو معنى الإمام والخليفة، كما هو واضح لمن أنصف (1).