ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته، وقلت: (من كنت مولاه، فعلي مولاه)، فهذا شئ من الله أو منك؟ فاحمرت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: والله الذي لا إله إلا هو، إنه من الله، وليس مني، قالها ثلاثا فقام الحارث وهو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك، وفي رواية: إن كان ما يقول محمد حقا، فأرسل علينا حجارة من السماء، أو إئتنا بعذاب أليم، فوالله ما بلغ باب المسجد، حتى رماه الله بحجر من السماء، فوقع على رأسه، فخرج من دبره، ونزل قوله تعالى: (سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين ليس له دافع).
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن (حديث الغدير) هذا، إنما تعتبره الشيعة من أقوى الأدلة وأظهرها على خلافة الإمام علي بن أبي طالب، عليه السلام، وإمامته، من بعد النبي صلى الله عليه وسلم، بلا فصل بينهما، والاحتجاج به إنما يحتاج إلى ذكر أمرين: السند والدلالة.
أما السند: فهو في أعلى مرتبة الصحة والقوة، فإنه حديث متواتر، رواه أكابر الصحابة وأجلاؤهم ومنهم، سيدنا الإمام علي وعمار وعمر وطلحة وزيد بن أرقم والبراء بن عازم وأبو أيوب، وبريدة الأسلمي وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وأنس بن مالك وحذيفة بن أسيد وجابر بن عبد الله وجابر بن سمرة وابن عباس وابن عمر، وعامر بن ليلى وحبشي بن جنادة وجرير البجلي، وقيس بن ثابت وسهل بن حنيف وخزيمة بن ثابت وعبيد الله بن ثابت الأنصاري وثابت بن وديعة الأنصاري والنعمان بن عجلان الأنصاري، وحبيب بن بديل وهاشم بن عتبة وحبة بن جوين ويعلى بن مرة ويزيد بن شراحيل الأنصاري، وناجية بن عمرو والخزاعي وعامر بن عمير وأيمن بن نايل وأبو زينب وعبد الرحمن بن عبد رب وعبد الرحمن بن مبرح وأبو قدامة وعمارة، وغيرهم خلق كثير، من رووا حديث الغدير (1).