تفضله علينا، أيضا مما يؤكد أنه صلى الله عليه وسلم قد استخلف عليا بفعله وقوله ذلك، وعينه إماما للناس من بعده، فضاق بذلك صدر الحارث، فاعترض على النبي صلى الله عليه وسلم، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم، بأنه من الله، فلم ير الحارث بدا إلا أن يدعو على نفسه، فدعا، ونزل العذاب عليه حتى أهلكه الله، فلو كان مقصود النبي صلى الله عليه وسلم وسلمه هو بتبليغ الناس أن من كنت محبه وناصره أو نحو ذلك، فعلي كذلك، لم يكن الأمر ذا أهمية بهذه المثابة حتى يضيق صدر الحارث بذلك، ويدعو على نفسه، ويهلكه الله تعالى (1).
وهكذا ينظر العلويون إلى (بيعة غدير خم) كأعظم حادثة تاريخية، كما أن يومها لديهم، إنما هو أعظم الأيام، وبعد أن تمت هذه البيعة، نادى النبي صلى الله عليه وسلم، أصحابه وتلا عليهم قول الله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) (2) ثم قال: (الحمد لله على كمال الدين، وتمام النعمة، ورضي الله برسالتي، وبولاية علي بعدي).
ثم استأذن حسان بن ثابت الأنصاري، النبي صلى الله عليه وسلم، بالإنشاد، فأذن له وقال:
قال يا حسان على اسم الله وبركاته، فأنشد حسان أبياته المشهورة وهي:
وناداهم يوم الغدير نبيهم * بخم واسمع بالرسول مناديا وقد خص من دون البرية كلها * عليا وسماه هناك مواخيا وقال فمن مولاكم ووليكم * فقالوا ولم يبدوا هناك تعاليا إلهك مولانا وأنت ولينا * وما لك منا في المقالة عاصيا فقال له قم يا علي فإنني * رضيتك من بعدي إماما وهاديا هناك تلا اللهم والي وليه * وكن للذي عادى عليا معاديا