كرم الله وجهه، وقال: (من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، وأعن من أعانه، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار).
وهذا أقوى ما تمسكت به الشيعة والإمامية والرافضة، على أن عليا، كرم الله وجهه، أولى بالإمامة من كل أحد، وقالوا: هذا نص صريح على خلافته، سمعه ثلاثون صحابيا وشهدوا به، قالوا: فلعلي عليهم من الولاء ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم عليهم، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: ألست أولى بكم. والحديث صريح ورد بأسانيد صحاح وحسان، ولا التفات لمن قدح في صحته، كأبي داود، وأبي حاتم الرازي، وقول بعضهم إن زيادة: اللهم وال من والاه الخ موضوعة مردودة، فقد ورد ذلك من طرق صحح الذهبي كثيرا منها.
وقد جاء أن عليا كرم الله وجهه قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أنشد الله من ينشد يوم غدير خم إلا قام، ولا يقوم رجل يقول: أنبئت أو بلغني، إلا رجل سمعت أذناه، ووعى قلبه، فقام سبعة عشر صحابيا، وفي رواية ثلاثون صحابيا، وفي المعجم الكبير ستة عشر، وفي رواية اثنا عشر، فقال: هاتوا ما سمعتم، فذكروا الحديث، ومن جملته: (من كنت مولاه، فعلي مولاه) وعن زيد بن أرقم: وكنت ممن كتم، فذهب الله ببصري، وكان علي كرم الله وجهه، دعا على من كتم.
ولما شاع قوله صلى الله عليه وسلم (من كنت مولاه فعلي مولاه) في سائر الأمصار، وطار في جميع الأقطار، بلغ الحارث بن النعمان الفهري، فقدم المدينة، فأناخ راحلته عند باب المسجد، فدخل والنبي صلى الله عليه وسلم جالس، وحوله أصحابه، فجاء حتى جثا بين يديه، ثم قال: يا محمد، إنك أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله فقبلنا ذلك منك، وإنك أمرتنا أن نصلي في اليوم والليلة خمس صلوات، ونصوم شهر رمضان ونزكي أموالنا ونحج البيت، فقبلنا ذلك منك.