وروى ابن حجر العسقلاني في الإصابة بسنده عن وهب بن حمزة قال:
سافرت مع علي، فرأيت منه جفاء، فقلت: لئن رجعت لأشكونه، فرجعت فذكرت عليا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لا تقولن هذا لعلي، فإنه وليكم بعدي (1).
وروى الحافظ أبو نعيم، في حليته بسنده عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، واستعمل عليهم عليا، كرم الله وجهه، فأصاب جارية، فأنكروا ذلك عليه، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: إذا لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرناه بما صنع علي، قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفر بدأوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلموا عليه، ثم انصرفوا، فما قدمت السرية سلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام أحد الأربعة، فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا، فأعرض عنه، ثم قام آخر منهم، فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا، فأعرض عنه، حتى قام الرابع فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعرف الغضب في وجهه فقال: ما تريدون من علي؟ ثلاث مرات، ثم قال: إن عليا مني، وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي (2).
ولا ريب في أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن عليا مني، وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي)، وقوله: (علي وليكم بعدي)، كما رأينا بصيغ مختلفة، إنما هو من الأدلة القوية، والنصوص الجلية، على خلافة علي عليه السلام من بعد النبي، صلى الله عليه وسلم، والاستدلال به إنما يتوقف على بيان السند والدلالة معا.
فأما السند: فقد رواه جمع من كبار الصحابة وعظمائهم، من أمثال الإمام علي، عليه السلام، وابن عباس، وعمران بن حصين، ووهب بن حمزة، وبريدة الأسلمي، وأنه قد خرجه كثير من أئمة الحديث كالترمذي والنسائي والإمام ابن