محمودة، ولولا حب الرياسة لا ندرس العلم لا يدل ذلك على أن طالب الرياسة ناج من الفتن، بل هو من الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم، قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر.
فطالب الرياسة في نفسه هالك، وقد يصلح بسببه غيره إن كان يدعو إلى ترك الدنيا، وذلك فيمن كان حاله في ظاهر الأمر حال علماء السلف، ولكنه يضمر قصد الجاه، ومثاله مثال الشمع الذي يحترق في نفسه ويستضئ به غيره، فصلاح غيره في هلاكه، وأما إذا كان يدعو إلى طلب الدنيا فمثاله مثال النار المحرقة تأكل نفسها وغيرها.
فالعلماء ثلاثة، إما مهلك نفسه وغيره، وهم المصرحون بطلب الدنيا والمقبلون عليها، وإما مسعد نفسه وغيره، وهم الداعون إلى الله عز وجل المعرضون عن الدنيا ظاهرا وباطنا، وإما مهلك نفسه ومسعد غيره، وهو الذي يدعو إلى الآخرة وقد رفض الدنيا في ظاهره وقصده في البواطن إقبال الخلق وإقامة الجاه الخ " (1).
بل لقد زعم (الدهلوي) في كتاب (التحفة) أن مجرد وقوع الفتح في خيبر على يد علي عليه السلام، لا يوجب له فضيلة وعظمة (2).
فإذا كان فتح خيبر لا يوجب فضيلة لعلي، فهل يكون في فتح الشام في عصر الشيخين فضيلة لهما؟
وقال الواقدي:
" لقد بلغني أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يخرج كل يوم إلى ظاهر