وأمره أنفذ عليهم من أمرها، وشفقتهم عليه أتم من شفقتهم عليها. روي: أنه صلى الله عليه وسلم أراد غزوة تبوك، فأمر الناس بالخروج، فقال ناس:
نستأذن آباءنا وأمهاتنا. فنزلت. وقرئ: وهو أب لهم، أي: في الدين، فإن كل نبي أب لأمته من حيث أنه أصل فيما به الحياة الأبدية، ولذلك صار المؤمنون إخوة. كذا في تفسير البيضاوي.
وقوله: إني أولى بكل مؤمن من نفسه، تأكيد وتقرير، يفيد كونه أولى بكل واحد من المؤمنين، كما أن الأول يفيد بالنسبة إليهم جميعا ".
أقول:
وتلخص على ضوء الكلمات المذكورة بشرح الكتاب والسنة: أن المراد من الحديث: " هو أولى الناس بكم بعدي " أن أمير المؤمنين عليه السلام أولى بالمؤمنين من أنفسهم في جميع أمور الدنيا والدين بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه يجب عليهم أن يكون أحب إليهم من أنفسهم، وأمره أنفذ عليهم من أمرها، كما هو الحال بالنسبة إلى أوامر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونواهيه، فهذا هو مقتضى التأمل في الآية المباركة والحديث الصحيح من طرقهم، ثم التأمل في لفظ حديث الولاية.
ثم إن الوجه في الأولوية هو أن النبي أو الوصي، لا يأمر الناس ولا يرضى منهم إلا بما فيه صلاحهم ونجاحهم، بخلاف أنفسهم...