حمل بعضهم البعدية على الرتبة دون الزمان هذا، ولما رأى الرشيد الدهلوي (1) تمامية دلالة الحديث على مذهب أهل الحق بكلمة " بعدي "، عمد إلى تأويل الحديث بحمل " البعدية " على المرتبة لا الزمان فذكر: بأن هذا الحديث - وإن لم يخل سنده عن الكلام - فيجاب على تقدير تسليمه بأن الولي فيه بمعنى المحب، والمراد من البعدية يجوز أن يكون البعدية رتبة لا زمانا. قال: وعلى تقدير تسليم معنى الخلافة من الولاية فإن الحمل المذكور لا بد منه، جمعا بين هذا الحديث وما دل على خلافة الخلفاء الثلاثة عند أهل السنة.
أقول:
إنه لا يخفى على المتأمل المتدرب أن لا وجه لتجويز إرادة " المحب " من لفظ " الولي " في هذا الحديث، ولكن متى حملت " البعدية " على الرتبة كان المعنى: أن رتبة أمير المؤمنين عليه السلام في المحبوبية بين سائر الخلائق هي بعد رتبة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم، فهو مقدم على غيره في صفة المحبوبية بعده، وعلى جميع أفراد الأمة أن يقولوا بأحبيته إليهم بعد رسول الله، ويلتزموا بلوازم ذلك.