نمشي على الأرض حتى شاهدنا الكهف، ورأينا قوما نياما تضئ وجوههم كالقناديل وعليهم ثياب بيض وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد، فملئنا رعبا، فتقدم أمير المؤمنين وقال: السلام عليكم، فردوا عليه السلام، وتقدم القوم وسلموا، فلم يردوا عليهم السلام، فقال لهم علي: لم لا تردون على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال أحدهم: سل ابن عمك ونبيك. ثم قال علي للجماعة:
خذوا مجالسكم، فلما أخذوا قال علي: يا ملائكة الله ارفعوا البساط، فرفع وسرنا في الهواء ما شاء الله. ثم قال: ضعونا لنصلي الظهر، فإذا نحن في أرض ليس فيها ماء نشرب ولا نتوضأ، فوكز الأرض برجله فنبع الماء العذب، فتوضأنا وصلينا وشربنا. فقال: ستدركون صلاة العصر مع رسول الله وسار بنا البساط إلى العصر، وإذا نحن على باب المسجد، فلما رآنا قال: تحدثوني أو أحدثكم؟ وجعل يحدثنا كأنه كان معنا، فقال له علي: لم ردوا علي السلام ولم يردوا على أصحابي؟
فقال: إنهم لا يردون السلام إلا على نبي أو وصي نبي. ثم قال: إشهد لعلي يا أنس.
فلما كان بعد يوم السقيفة استشهدني علي بيوم البساط فقلت: إني نسيت.
قال: إن كنت كتمتها بعد وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فرماك الله ببياض في وجهك ولظى في جوفك وعمى في بصرك. فبرصت وتلظى جوفي وعميت.
وكان أنس لا يطيق الصيام في شهر رمضان ولا في غيره من حرارة بطنه.
ومات بالبصرة، وكان يطعم كل يوم مسكينا عن يوم يفطر من رمضان) (1).
وأما عدم نقل أهل السنة احتجاج الإمام عليه السلام بحديث الغدير في أيام أبي بكر ونحوها، فلا يكون حجة على الشيعة أبدا، كما أن نقل أحد الفريقين لا يكون حجة على الفريق الآخر.
هذا، وقد ذكر الفخر الرازي في (نهاية العقول) في وجه الاستدلال بحديث الغدير: (الثاني: إن عليا رضي الله عنه ذكره في الشورى عندما حاول ذكر