ما يثبته الشيعة الإمامية قديما وحديثا، ويعانده المعاندون من أهل السنة كذلك.
(والثانية) قوله: (جاز أن يكون بعد أن تنعقد له البيعة ويصير خليفة) معناه حمل (الأولوية بالإمامة) على زمان بعد عثمان بن عفان، وهذا الحمل فاسد جدا، لأن تهنئة الشيخين - كما في الصواعق وغيرها - يقلع أساسه الواهي من الجذور، لأنهما قد اعترفا بكونه عليه السلام (مولى) كل مؤمن، فهو عليه السلام مولاهما باعترافهما سوء كانا من المؤمنين أم لا، فهو (أولى) منهما بالإمامة، فتقييدها بما بعد عثمان باطل حسب فهم الشيخين واعترافهما أيضا.
وأيضا: فإنه لا ريب في دلالة هذا الحديث - بناءا على حمل (المولى) على الأولى بالإمامة على الإمامة المطلقة لأمير المؤمنين عليه السلام، وبما أنه لا نص على إمامة الثلاثة - وخلافتهم كما هو الثابت والمعترف به لدى القوم حتى لقد اعترف بذلك (الدهلوي) نفسه - فإن مطلق النص على خلافة الإمام عليه السلام يثبت خلافته بلا فصل، لقبح تقديم غير المنصوص عليه على المنصوص عليه.
(والثالثة) قوله: (ويدل لذلك أنه لم يحتج بذلك... فسكوته عن الاحتجاج بذلك إلى أيام خلافته) مردود بعدم تسليم الشيعة بسكوته عليه الصلاة والسلام، بل إنهما يكذبون هذه الدعوى ويستنكرونها، فدعوى الحلبي ذلك في مقابلة الشيعة الإمامية لا تنفعه بحال ولا يسقط حديث الغدير عن الاحتجاج والاستدلال.
وإليك بعض روايات الشيعة الإمامية المتضمنة لمناشدة الإمام عليه السلام أبا بكر وأصحاب الشورى بحديث الغدير:
1 - روى الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي: أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لأبي بكر بن أبي قحافة: (ولكن أخبرني عن الذي يستحق هذا الأمر بما يستحقه. فقال أبو بكر: بالنصيحة والوفاء ودفع المداهنة والمحاباة وحسن السيرة وإظهار العدل والعلم بالكتاب وفصل الخطاب مع الزهد في الدنيا وقلة الرغبة فيها وإنصاف المظلوم من الظالم للقريب والبعيد ثم سكت.