أمير المؤمنين عليه السلام لنفسه جارية من السبايا، فذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جوابه ولاية علي عليه السلام، فما معنى ذلك؟ إن معنى ذلك والغرض منه إثبات أولوية علي عليه السلام بالتصرف في جميع الأمور، وأن من كان أولى بالتصرف من غيره في الأمور، فليس لأحد أن يعترض عليه أو يتكلم فيه أو ينازعه في أمور من الأمور، بل يجب على الكل متابعته والانقياد له، وقد ورد في حديث أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لبريدة: (يا بريدة: إن عليا وليكم بعدي، فأحب عليا، فإنه يفعل ما يؤمر. الديلمي عن علي).
دل هذا الحديث على ولاية علي عليه السلام وعصمته كما هو واضح.
فإذا كان سبب حديث الغدير شكوى بريدة لأجل الواقعة المذكورة كما يزعم بعضهم، فقد دلت الواقعة وصدور الحديث الشريف فيها على الإمامة والخلافة، وهو المطلوب.
وأيضا: فقد رووا عن بريدة أنه قال بعد أن نهاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن بغض علي عليه السلام وتنقيصه: (فما كان من الناس من أحد بعد قول النبي أحب إلي من علي) أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده، والحافظ ابن كثير عن أحمد (1) والشيخ عبد الحق الدهلوي في معارج النبوة والسيد شهاب الدين أحمد (2) والبرزنجي (3) وغيرهم.
ولا ريب في دلالة مثل هذا الكلام على الأفضلية، قال اللاهوري في (شرح تهذيب الكلام للتفتازاني) في ذكر أفضلية أبي بكر: (ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: والله ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على أحد أفضل من أبي بكر. ومثل هذا الكلام لبيان الأفضلية، إذ الغالب من حال كل اثنين هو.
التفاضل دون التساوي، فإذا نفى أفضلية أحدهما ثبت أفضلية الآخر).