اعتراف الرازي وإن مجئ (المولى) بمعنى (متولي الأمر) في غاية الثبوت والوضوح، حتى فسر به الفخر الرازي - الذي سعى في إنكار مجيئه بمعنى (الأولى) - فقال في تفسير قوله تعالى * (أنت مولانا فارحمنا وانصرنا على القوم الكافرين) *: " وفي قوله: أنت مولانا فائدة أخرى، وذلك: أن هذه الكلمة تدل على نهاية الخضوع والتذلل، والاعتراف بأنه سبحانه هو المتولي لكل نعمة يصلون إليها، وهو المعطي لكل مكرمة يفوزون بها، فلا جرم أظهروا عند الدعاء أنهم في كونهم متكلين على فضله وإحسانه بمنزلة الطفل الذي لا تتم مصلحته إلا ببر [بتدبير] قيمه، والعبد الذي لا ينتظم شمل مهماته إلا بإصلاح مولاه، فهو سبحانه قيوم السماوات والأرض، والقائم بإصلاح مهمات الكل، وهو المتولي في الحقيقة للكل على ما قال: * (نعم المولى ونعم النصير) * (1) ".
3 - مجئ (المولى) بمعنى (الوارث الأولى) على أن الرازي الذي أطال الكلام في إنكار مجئ (المولى) بمعنى (الأولى) بإبداء التشكيكات الواهية والاعتراضات السخيفة التي أضلت بعض الهمج الرعاع الذين ينعقون مع كل ناعق - قد ألجأته الحقيقة الراهنة إلى نقل تفسير (المولى) ب (الوارث الأولى) عن أبي علي الجبائي، واستحسانه هذا المعنى كالوجوه الأخرى المذكورة بتفسير قوله تعالى: * (ولكل جعلنا موالي...) * وهذا نص كلامه:
" المسألة الثالثة - من الناس من قال: هذه الآية منسوخة، ومنهم من قال:
إنها غير منسوخة. أما القائلون بالنسخ فهم الذين فسروا الآية بأحد هذه الوجوه