حملت كلماتهم على التساهل سقطت عن الحجية، وبطلت الاستدلالات والحجج، بل إن كلام الرازي هذا خير وسيلة وذريعة للملحدين وجحدة الدين في إنكار حقائق الدين الاسلامي، إذ متى أريد إلزامهم بأمر من أمور الدين استنادا إلى تصريحات اللغويين كان لهم أن يقولوا: " ذلك تساهل من هؤلاء الأئمة لا تحقيق "، بل يكون اعتراضهم أقوى، واعتذارهم عن القبول والتسليم أبلغ، لأنهم يخالفون أئمة اللغة في الدين أيضا، بخلاف الرازي فإنه وإياهم من أهل ملة واحدة... وبذلك ينهدم أساس دين الاسلام، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
هذا، ولا عجب من تأييد الرازي للملحدين، فقد عرفت من تصريح الذهبي (1) أن للرازي تشكيكات على دعائم الاسلام، وفي (لسان الميزان) (2) عن الرازي أن عنده شبهات عديدة في دين الاسلام، وأنه كان يبذل غاية جهده في تقرير مذاهب المخالفين والمبتدعين، ثم يتهاون ويتساهل في دفعها والجواب عنها.
4 - الأصل في هذه الدعوى أيضا هو الرازي ثم إن الأصل في هذه الشبهة أيضا هو الرازي كما عرفت من كلامه السابق، وقال بتفسير قوله تعالى: * (مأواكم النار) * ما نصه:
" وفي لفظ " المولى " ههنا أقوال - أحدها: قال ابن عباس: مولاكم أي مصيركم. وتحقيقه: إن المولى موضع " الولي " وهو القرب. فالمعنى: إن النار هي موضعكم الذي تقربون منه وتصلون إليه.
والثاني: قال الكلبي: يعني أولى بكم، وهو قول الزجاج والفراء وأبي عبيدة. واعلم: أن هذا الذي قالوه معنى وليس بتفسير للفظ، لأنه لو كان " مولى "