قلنا: إنما يوجب ذلك إذا ثبت ما نقلوا عنه بطريق القطع، فأما إذا اتهم به فلا يثبت حكمه في غير موضع التهمة، وينبغي أن لا يثبت في موضع التهمة أيضا، إلا أن ذلك يورث شبهة في الثبوت، وبالشبهة ترد الحجة، وينتفي ترجح الصدق في الخبر، فلذلك لم يثبت أو معناه.
ليس كل من اتهم بوجه ساقط الحديث، مثل الكلبي، وعبد الله بن لهيعة والحسن بن عمارة، وسفيان الثوري وغيرهم، فإنه قد طعن في كل واحد منهم بوجه، ولكن علو درجتهم في الدين، وتقدم رتبتهم في العلم والورع، منع من قبول ذلك الطعن في حقهم ومن رد حديثهم به، إذ لو رد حديث أمثال هؤلاء بطعن كل واحد انقطع الرواية واندرس الأخبار، إذ لم يوجد بعد الأنبياء عليهم السلام من لا يوجد فيه أدنى شئ مما يجرح إلا من شاء الله تعالى، فلذلك لم يلتفت إلى مثل هذا الطعن، فيحمل على أحسن الوجوه، وهو قصد الصيانة " (1).
ترجمة عبد العزيز البخاري وعبد العزيز البخاري شارح البزدوي وصاحب الكلام المزبور في الدفاع عن الكلبي، من مشاهير الأئمة الكبار، وقد أثنى عليه عبد القادر القرشي في (الجواهر المضية في طبقات الحنفية) ومحمود بن سليمان الكفوي في (كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار)، والكاتب الجلبي في (كشف الظنون).