ألف مالك موطأ في أواخر عهد المنصور، وكان ذلك في سنة 148، وسببه - كما عن الشافعي - أن أبا جعفر المنصور بعث إلى مالك لما قدم إلى المدينة وقال له: إن الناس قد اختلفوا في العراق فضع للناس كتابا نجمعهم عليه، فوضع الموطأ.
وفي نقل آخر: فقال المنصور إني عزمت أن آمر بكتبك هذه التي وضعت (يعني الموطأ) فتنسخ نسخا ثم أبعث إلى كل مصر من أمصار المسلمين منها نسخة، وآمر أن يعملوا بما فيها ولا يتعدوها إلى غيرها... قال: فقلت: يا أمير المؤمنين لا تفعل هذا فإن الناس قد سبقت إليهم أقاويل وسمعوا أحاديث ورووا روايات، وأخذ كل قوم بما سبق إليهم وعملوا به ودانوا من اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم...
وعن السيوطي - في تنوير الحوالك - عن القاضي أبي بكر بن العربي: إن الموطأ هو الأصل الأول والبخاري هو الأصل الثاني، وإن مالكا روى مائة ألف حديث، اختار منها في الموطأ عشرة آلاف حديث، لم يزل يعرضها على الكتاب والسنة حتى رجعت إلى 500 حديث.
وفي رواية ابن الهباب: ثم لم يزل يعرضه على الكتاب والسنة ويختبرها بالآثار والأخبار حتى رجعت إلى 500 حديث.
أقول: فانظر إلى شدة ابتذال الحديث بالجعل والوضع وسلب الاعتماد عن الرواة بأن تصل مائة ألف حديث إلى خمسمائة حديث!!!، ويظهر من العبارة المذكورة أن 9500 حديث من 10000 حديث مختارة من 100000 حديث مخالفة للكتاب والسنة أو الآثار والأخبار فحذفها ثانيا من كتابه.
بل عن الديباج المذهب في معرفة أعيان المذهب (أي المذهب