أقول: في الرواية سؤالان أحدهما: إنه لم لم يقتد الناس كلهم بصلاته؟ وكيف علمت عائشة أنهم اقتدوا بأبيها لا به صلى الله عليه وسلم؟!
وثانيهما: إن الواجب على أبي بكر أن يقتدي جالسا لا قائما، فإن عائشة نفسها روت أنه صلى الله عليه وسلم صلى جالسا (لمرض) وصلى وراء قوم قياما، فأشار إليهم أن اجلسوا، فلما أن انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به... وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا ويدل عليه حديث أنس (1)، وحديث أبي هريرة (2).
لكن في حديث آخر عن عائشة: فتأخر أبو بكر رضي الله عنه وقعد النبي إلى جنبه وأبو بكر يسمع الناس التكبير (3).
فيظهر منه: أن أبا بكر لم يكن إماما بل مقتديا ومكبرا، فهذا ينافي بقية الأحاديث. ثم إن المستفاد من بعض الروايات أن النبي وجد خفة في أول صلاة صلاها أبو بكر، فذهب للصلاة. ومن بعضها الآخر أنه في غير الصلاة الأولى.
وعلى كل لم ينقل أن أبا بكر بكى في صلاته لأجل أنه رجل رقيق القلب، وأنه أسيف، وأنه لا يسمع الناس من البكاء كما تدعي عائشة، فسبحان الله من عاطفة البنت لأبيها. وأي كان السبب فإن في إقامة النبي أبا بكر للصلاة وإمامته للمصلين غموضا، لاختلاف الأحاديث فيها بحيث يفهم نفوذ السياسة فيها، وسنذكر في ما يأتي أيضا بعض قصتها.