بالشهادة شهادة الأم تحت سياط الجلادين وحراب الطواغيت، شهادة فريدة سجلتها في قائمة الخالدين الرساليين، أنها سمية التي تقاطرت دماؤها لتزرع محل كل قطرة سقطت شهيدا يرفع علم الإسلام خفاقا.
أنها المرأة التي قالت ربي الله فأبى الكافرون ذلك النداء فسلطوا حرابهم وسياطهم لإخماد ذلك الصوت وقتله، أنها المرأة التي أعطت أعظم دروس التضحية في سبيل عقيدتها وإيمانها ولم تساوم عليهما، وقد سجل تأريخ الإسلام قبل الهجرة موقفا بطوليا (لسمية بنت خياط) عز على كثير من الرجال أن يقفوه في هذا المقام، فقد بلغ منها العذاب أوجهه وهي مستمسكة بدينها مستعصمة بالصبر أمام الموت الوافد إليها من تلك الطعنة وتسيل مع أنفاسها ودمائها كلمة: (أحد أحد... لا شريك له..) تلفظها متقطعة مع النفس الأخير. وتذهب إلى ربها مغسلة بدم الشرف والطهر من طعنة الإنسان الدنس ولم تنفرج شفتاها عن كلمة الشرك وتقدمت إلى الله بالقلب النقي الطاهر يحمل التوحيد.
هذه أم عمار (رض).
أما الأب ياسر الذي لاقى الكثير من عذاب قريش كان أقوى من كل قوى الشر والبغي فتحدى جبروت الطغاة وظلمهم بعزة الإسلام وعنفوانه وأعلن أمام الملأ من قريش أنه لن يعطيهم من دينه شيئا، لن يعطيهم ولو بلسانه ما يرضيهم، إنه الشموخ والعزة بالمبدأ الذي ملك عليه كل شعوره فكأن كل سوط يلسع جسده يد حالمة تمر عليه برفق ولين لتعطيه الدف ء وتغدق عليه الإيمان وتبعث في جسده الحياة من جدير براحة نفس واطمئنان ضمير.
إنه مجد ناله الأب ياسر على أيدي جلاديه، لقد عذب بسياطهم ونالوا منه ما يشفي حقدهم وغرورهم حتى أتوا على نفسه فمات شهيدا