قال له السائل: وما هما؟
قال: أما أحدهما فهو أن الله سبحانه، كما ينعم في القيامة على من وقعت منه الطاعة في مدة متناهية بنعيم لا آخر له ولا غاية، وجب قياسا على ذلك أن يعذب من وقعت منه المعصية في زمان محصور متناه، بعذاب دائم غير منقض ولا متناه.
قال: والجواب الآخر، أنه خلد الكفار في النار لعلمه أنهم لو بقوا أبدا لكانوا كفارا. (1) فاستحسن السائل هذين الجوابين منه استحسانا مفرطا، إما لمغايظتي بذلك، أو لمطابقتهما ركاكة فهمه.
فقال صاحب المجلس: ما تقول في هذين الجوابين؟
فقلت: اعفني من الكلام، فقد مضى في هذه المسألة ما فيه كفاية.
فأقسم علي وناشدني.
فقلت: إن المعهود من الشافعي والمحفوظ منه كلامه في الفقه وقياسه في الشرع، أما أصول العبادات والكلام في العقليات فلم تكن من صناعته، ولو كانت له في ذلك بضاعة لاشتهرت، إذ لم يكن خامل الذكر، فمن نسب إليه الكلام فيما لا يعلمه على طريق القياس والجواب، فقد سبه، من حيث أن فساد هذين