ثم سألوني الرجوع إلى الكلام والإعادة لما سلف لي من الجواب، ليسمع ذلك الرجل الحاضر.
فقلت له: ألا سألتم الفقيه إعادة ما كان أورده لعله أن يرضى هذا الشيخ إذا سمعه، وعنيت بالفقيه، الحاكي عن الشافعي؟
قالوا: قد تبين لنا فساد ما أجاب به، ولا حاجة بنا إلى إشغال الزمان بإعادته.
قلت: فأنا مجيبكم إلى الكلام، وسالك غير الطريقة الأولى في الجواب، لعل ذلك أن يكون أسرع لزوال اللبس، وأقرب إلى سكون النفس، إن وجدت منكم مع الاستماع حسن إنصاف.
قالوا: نحن مستمعون لك غير جاحدين لحق يظهر في كلامك.
فقلت: كان السؤال عن وجه العدل والحكمة في تعذيب الله عز وجل لمن مات وهو كافر بالعذاب الدائم، الذي تقدير زمانه لا ينحصر، وقد وقع من العبد كفره في مبلغ عمره المتناهي.
والجواب عن ذلك:
أن العذاب المجازى به على المعصية، كائنة ما كانت، لا كلام بيننا في استحقاقه، وإنما الكلام في اتصاله وانقطاعه، فلا يخلو المعتبر في ذلك أن يكون هو الزمان الذي وقعت المعصية فيه ومقداره وتناهيه، أو المعصية في نفسها وعظمها من صغرها.
فلو كانت مدة هي المعتبرة، وكانت يجب تناهي العذاب لأجل تناهيها في نفسها، لوجب أن يكون تقدير زمان العقاب عليها بحسبها وقدرها، حتى لا