يتجاوزها ولا يزيد عليها.
وهذا حكم يقضي الشاهد بخلافه، ويجمع العقلاء على فساده، فكم قد رأينا فيما بيننا معصية قد وقعت في مدة قصيرة، كان المستحق من العقاب عليها يحتاج إلى أضعاف تلك المدة، ورأينا معصيتين، تماثل في القدر زمانهما، واختلف زمان العقاب المستحق عليهما، كعبد شتم سيده، فاستحق من الأدب على ذلك أضعاف ما يستحقه إذا شتم عبدا مثله، وإن كان زمان الشتمين متماثلا.
فالمستحق عليهما من الأدب والعقاب يقع في زمان غير متماثل، ولو لم يكن في هذا حجة إلا ما نشاهده من هجران الوالد أياما كثيرة لولده على فعل، وقع في ساعة واحدة منه، مع تصويب كافة العقلاء للوالد في فعله، بل لو لم يكن فيه إلا جواز حبس السيد فيما بيننا لعبده زمانا طويلا على خطيئته.
وكذلك الإمام العادل لمن يرى من رعيته، لكان فيه كفاية في وضح الدلالة، وليس يدفع الشاهد إلا مكابر معاند، فعلم مما ذكرناه أنه لا يعتبر فيما يستحق على المعصية بقدر زمانها، ولا يجب أن يماثل وقت الجزاء عليها لوقتها، ووجب أن يكون المرجع إليها نفسها، فبعظمها يعظم المستحق عليها، سواء أطال الزمان أو قصر، اتصل أم انقطع، وجد فكان محققا، أو عدم فكان مقدرا، والحمد لله.
فلما سمع القوم مني هذا الكلام، وتأملوا ما تضمنه من الإفصاح والبيان، وتمثيلي بالمتعارف من الشاهد والعيان، لم يسعهم غير الإقرار للحق والإذعان والتسليم في جواب السؤال لما أوجبه الدليل والبرهان، والحمد لله الموفق للصواب، وصلواته على سيدنا محمد خاتم النبيين وآله الطاهرين.
زيادة في المسألة: